Page 42 - مجلة التنوير - ج 1 - المجلس الأعلى للثقافة
P. 42

‫لجنة الفلسفة وعلم الاجتماع والانثروبولوجيا‬                   ‫المجلس الأعلى للثقافة‬

‫الداخل‪ .‬وبذلك يتداخل نموذجا المواطنة القومية وما‬                                                      ‫مجلــــــــــــــــة‬
‫بعد القومية فى هذه الحالة‪ ،‬ذلك أن النضال الداخلى‬
‫للحصول على الحقوق السياسية والاجتماعية يمثل‬                 ‫بأعمال عصابات الإتجار فى المخد ارت‪ ،‬ومنظمات‬
‫ترسي ًخا للنموذج القومى فى المواطنة‪ ،‬كما أن اللجوء‬          ‫المجتمع المدني المهنية التى تتحدث عن الحقوق‬
‫إلى تدويل النضال السياسى يعكس صدى النموذج‬                   ‫الصحية للفق ارء على أساس معرفة دقيقة بأحوالهم‪ ،‬أو‬
                                                            ‫جماعات الدعوة التى تتحدث عن الجماعات المهمشة‬
                      ‫ما بعد القومى فى المواطنة‪.‬‬            ‫التى لا حول لها ولا قوة‪ .‬وبقدر ما تساهم الوساطة‬
                                                            ‫بين الدولة والمواطنين فى تفعيل العلاقة الديمق ارطية‬
                      ‫	‪ .‬بالتوسط عبر العنف‬                  ‫بينهما‪ ،‬يمكن أن تساهم أي ًضا فى تعزيز خلل تلك‬
                                                            ‫العلاقة وافتقارها لأى أسس ديمق ارطية‪ .‬يتضح ذلك‬
‫الشكل العنيف فى التوسط ذو طابع قسرى عنيف‬                    ‫من الأشكال المختلفة للتوسط بين الدولة والمواطنين‬
‫متمثل فى جماعات تحقق مصالحها نظير تحقيق أمن‬                 ‫واختلاف طبيعة الأط ارف الفاعلة فيها‪ .‬وبصفة‬
‫المواطنين‪ .‬ويظهر ذلك بوضوح فى حالة الوسائط‬                  ‫عامة يتخذ التوسط ثلاثة أشكال أساسية‪ :‬الديمق ارطى‬
‫العنيفة مثل المليشيات المسلحة والعصابات‪ .‬وقد‬                ‫والعنيف والمحسوبية أو السمسرة السياسية‪ ،‬وفيما يلى‬
‫تتخذ بعض الجماعات الإرهابية هذه الوسيلة بالتأثير‬
‫على الناس الموالين لها وتقديم خدمات موازية لهم‬                                         ‫أوضح كل واحد منها‪:‬‬
‫تغنيهم مؤقتًا عن خدمات الدولة وتستمد منهم القوة‬
‫فى مواجهة السلطة لانت ازع حقوق سياسية واقتصادية‬                                     ‫	‪ .‬أالتوسط الديمق ارطى‬

                                ‫واجتماعية أكبر‪.‬‬             ‫يسعى الشك ُل الديمق ارطى للتوسط إلى تفعيل العلاقة‬
                                                            ‫بين المواطن والدولة بطريقة تساهم فى نيل الحقوق؛‬
    ‫	‪ .‬تالتوسط بالمحسوبية والسمسرة السياسية‬                 ‫حيث يحاول الوسطاء من المجتمع المدنى والأح ازب‬
                                                            ‫والحركات الاجتماعية التغلب على جوانب الضعف‬
‫يقصد بالمحسوبية والسمسرة السياسية وجود فئات‬                 ‫فى الممارسة الديمق ارطية مثل تهميش الم أرة أو‬
‫وسيطة بين الدوالة والمواطنين بهدف تمثيلهم مقابل‬             ‫جماعات الأقليات أو العمل على تمكين المواطنين‬
‫تحقيق مصالح اقتصادية واجتماعية‪ ،‬مقابل شغل‬                   ‫من العيش بصورة أفضل والمطالبة بحقوقهم من‬
‫الفجوة بين الدولة والمواطنين‪ .‬والتوسط يمثل ممارسة‬           ‫الدولة‪ ،‬بما يعنى أن التوسط فى العلاقة بين المواطن‬
‫تعكس أحياًنا وقد تعزز بالفعل النقص فى العلاقة‬               ‫والدولة قد يساهم فى تفعيل المواطنة الديمق ارطية عن‬
‫الديمق ارطية بين الدول والمواطنين(‪،)65‬وقد تساهم الدولة‬      ‫طريق تمكين المواطنين من الحصول على حقوقهم‪.‬‬
‫نفسها فى تعزيز طبقة سياسية من هؤلاء المنتفعين‬
‫الذين يمثلون قناة الاتصال والتعبئة السياسية لصالح‬           ‫أحيانا تلجأ الجماعا ُت الأقلية المهمشة إلى تدويل‬
‫السلطة مع المواطنين‪ ،‬ولكن بمرور الوقت يقوى نفوذ‬             ‫قضيتها وربطها بإطار أوسع يتعلق بالتمييز العنصرى‬
‫هذه الفئة الوسيطة وتصبح عبًئا على العلاقة بين‬               ‫أو التعددية الثقافية‪ ،‬وبذلك تمثل هذه الاست ارتيجية‬
                                                            ‫أحد الأدوات الفاعلة لدى الحركات الاجتماعية‬
                               ‫الدولة والمواطنين‪.‬‬           ‫للحصول على فرص سياسية أكبر لنيل الحقوق فى‬

                                                        ‫‪42‬‬
   37   38   39   40   41   42   43   44   45   46   47