Page 13 - مجلة التنوير - ج2 - المجلس الأعلى للثقافة
P. 13
لجنة الفلسفة وعلم الاجتماع والانثروبولوجيا المجلس الأعلى للثقافة
في ميادين عديدة كميدان اخت ارع الطباعة واستخدام مجلــــــــــــــــة
الثروات المعدنية واستخدام القوى المائية والمكتشفات
والفكرية القديمة من الحضا ارت الشرقية السابقة على
المتصلة بها ..إلخ من جانب آخر2. اليونان وأضافوا عليها وخلصوها مما علق بها من
شمولية وحس ديني صوفي ليجعلوها أكثر تجريًدا،
إذن حينما نتحدث عن التطو ارت العلمية التي وهذا شأن أية حضارة تتأثر وتضيف من روحها
أنجزها الغربيون المحدثون ،ينبغي ألا ننبهر بها الإبداعية الجديد؛ لقد أخذ اليونانيون كل ما أبدعه
ونتصور أنهم صانعوها وحدهم؛ لأن الحقيقة أنهم الشرقيون في حضا ارت الشرق الكبرى من علوم غلب
ورثوا كل الت اركم العلمي الذي أنجزته كل الحضا ارت عليها الطابع العملي وطوروها وبدأوا تسجيلها في
السابقة وركزوا من خلال مناهج مستحدثة في البحث مؤلفاتهم فنسبوا العلم والفلسفة إليهم فكأنهم صانعوها
العلمي على تطويره وتحويله إلى مخترعات مفيدة من عدم .وليس أبعد عن الحقيقة من ذلك الوهم
لحياة الإنسان ورفاهيته في العصر الحاضر ..ولا الكبير الذي لا ي ازلون يخدعوننا به :أنهم هم أصل
ينبغي أن ننسى أبًدا أن هذا التقدم ونواتجه الحالية العلم والفلسفة! بينما الواقع أنهم نقلوهما من الشرق
دائ ًما هي صناعة بشرية عامة اشترك فيها كل البشر،
ومن ثم فهو إرث إنساني عام ليس من حق الغربيين القديم وخاصة من مصر وبابل والهند القديمة( ).
الآن احتكاره أو الُبخل بنواتجه عن الآخرين تحت
ستار دعاوى قانونية واهية مثل حق الملكية الفكرية كما فعلوا نفس الشيء في مطلع ما يسمى
بعصر النهضة الغربي؛ فقد بدأوها من الحصول
وب ارءات الاخت ارع!! على إنجا ازت الحضارة العربية الإسلامية العلمية
ممزوجة بالإنجا ازت العلمية لحضا ارت الشرق
أما بالنسبة للعلوم الإنسانية والاجتماعية فلا مجال الأخرى – وخاصة الحضارة الصينية – في كافة
للحديث عن التفوق الغربي فيها؛ لأن المفروض أن المجالات وسرعان ما نسبوها إلى أنفسهم في معظم
مناهج وموضوعات هذه العلوم إنما ترتبط بواقع ينبغي الأحيان باستثناءات قليلة اعترف فيها بعض العلماء
أخذه في الاعتبار حين د ارسة أية ظاهرة إنسانية والمفكرين الغربيين بما تأثروا به علوم وفلسفات
أو اجتماعية .ومن ثم فعلماء الاقتصاد والاجتماع الشرق .والخلاصة أن ما حققه الغربيون من نهضة
والسياسة فضلاً عن علماء النفس ينبغي أن تنبثق حديثة بدأت أي ًضا من إنجا ازت الحضا ارت السابقة
مناهج د ارستهم ومحتواها من الوقائع المشاهدة عليهم والتي كانت صانعة التقدم في ذلك الزمان.
والظواهر المستجدة في مجتمعاتهم هم وليس في ومن ثم فإن عصر النهضة الغربية – وكذلك العصر
المجتمعات الغربية؛ إذ إن التخلف الذي يمكن أن الحديث – بما فيهما من تقدم علمي تجريبي تقني
تعاني منه هذه العلوم إنما سيرجع ليس إلى مدى تقليد إنما استلهمت أسسه وقواه الدافعة ونظرياته الأساسية
مثيلاتها في المجتمعات الغربية ،بل بمدى م ارعاتها – على حد تعبير جاروري – من الحضارة العربية
لحقيقة الوقائع المحلية التي ينبغي أن تكون هي
مجال د ارستهم .وإذا استدعى الأمر الاستفادة من الإسلامية من جانب .1ومنج ازت الحضارة الصينية
( )2انظر :نفسه ،ص 111وما بعدها ( )1انظر روجيه جاردوي :حوار الحضارات ،ترجمة د.
13 عادل العوا ،دار عويدات ببيروت ،ط1986 ،3م ،ص96