Page 236 - m
P. 236
لهذا لا يجب الاستسلام طه حسين يمكنه أن يقول عن
لوصف طه حسين بأنه نفسه :أنا الكاتب الحر ،ابن عصره،
«النهضوي الأخير» ،فمثل المنذور لمهمة عظيمة ،الذي أكتب
هذا الوصف فيه كثير من للناس لكن لا أتملقهم ،وأنا نسيج
القسوة على كل من جاء بعد وحده ،المعتد بنفسه ،رابط الجأش،
الرجل ،وحاول التفكير في المتمرد ،والمجادل العنيف ،الباحث عن
القيم والأفكار التي تقود إلى المختلف .وأنا أي ًضا المعترف بأخطائي،
التقدم ،والأساليب التي يجب المتشائم الذي يسقط في يأس
اتباعها في سبيل بلوغه .وفيه أحيا ًنا ،والمغبون من كثيرين .وهذا
أي ًضا كثير من الإجحاف ليس افتئا ًتا عليه إنما استخلاص من
بحق كل من بحثوا عن إجابة سيرته المتناثرة ،والتي لم يدونها
لسؤال النهضة أو التحديث
والحداثة في حياتنا الفكرية بعد "الأيام".
والاجتماعية ،من أصحاب
المشاريع الفكرية الكبرى، ومات دون أن يحقق رغبته يناسب زماننا.
سواء تلك التي استنطقت في تعديل بعض أطروحاته فالرجل ،خصو ًصا في
التراث بما يفيد الآن ،أو هذه السابقة ،لاسيما حول التعليم المنهج الذي أقره ومضت
التي حاولت تقريب مجتمعاتنا والثقافة ،وحول المسلك الأكثر عليه دراساته وتأملاته
من معاصرة تضع العرب في فاعلية في الأخذ بيد المجتمع وفيوضاته الأدبية العامرة
الزمن الحديث ،عبر الاستفادة بالأفكار ،يظل في حاجة إلى
مما بلغته الأمم التي ارتقت في إلى الأمام. مقاربة مغايرة ،تتبع مما كان
التفكير والعلم والفنون ،وفي وقد فتح طه حسين قوس يميل إليه ويألفه ويطالب
أنماط العيش السوي ،الذي النهضة ،ولم يغلق بعد ،ولن به من إقرار الحوار حول
يليق بإنسان متحضر. يغلق ،ولا يجب أن يحدث له الفكرة الكلية التي آمن بها،
من أجل هذا عدد عمار ثلاث هذا ،إذ إن النهوض صيرورة وطرحها ،سواء بلا مواربة،
نقاط رأى أنها تنقص مشروع أو بطريقة مستترة ،وشكلت
طه حسين ،وهي عدم إعطائه لا تتوقف ،وبعض دور في مجموعها مشروعه ،أو
التصوف موضعه في الثقافة المثقف فيها هو ألا يكف عن طريقته في طلب التنوير.
الإسلامية ،وإغفاله دور المشاكلة والمشاغبة والإضافة والرجل أقر في آخر أيامه،
الموروث أو المأثور الشعبي والإفاضة بما يواكب حياة حين نظر إلى كل ما أبدعته
في بناء مشروع ثقافي ،وعدم تتدفق بلا هوادة ،وقضايا قريحته وفاض به وجدانه،
وضع منتجنا الثقافي الحديث تتجدد بلا توقف ،واحتياجات بأنه يودع الدنيا بقليل
والمعاصر موضع مقارنة مع لا تكف عن الظهور والإلحاح، من الأمل وكثير من الألم،
الغرب ،على غرار ما حدث مع وتحديات تتوالى وتنادي دو ًما
تراث العرب الأقدمين .لكنه من عليهم أن يستجيبوا لها.
لم يقف عند ذكر هذه الأمور
التي يفتقد إليها مشروع
العميد ،بل قدم شر ًحا وافيًا
عن أسباب ذلك ،مؤك ًدا أن