Page 234 - m
P. 234
العـدد 59 232
نوفمبر ٢٠٢3 ومواقفه من رؤى وطرائق
تساعدنا على النهوض
آليات التخيل والاسترجاع لمنهجه المتماسك ،فلنصه
والتكرار وحضور الموسيقى، المختلف». بالتعليم والثقافة في واقعنا
المعيش.
وما قام به من تجديد اللغة ووزع الكاتب مؤلفه هذا على
العربية حجاجيًّا ،وتطويرها زوايا ست ،ولم يوزعه على -5ما وقع فيه طه حسين
فصول كالمعتاد .وفي الزاوية من أخطاء أو مزالق ،ويجب
بلاغيًّا .ويرى أن نص طه الأولى المتعلقة بالمنهج ،ليرى
بكر إذ كان لا يراجعه ،ونص أن طه حسين قد اتبع اقترا ًبا علينا أن نتجنبها ،بقدر ما
ومنه ًجا يقوم على «الصرامة نتجنب ارتكاب مبالغة إيجابية
مميز يدل على صاحبه بلا العلمية» ،وتقليب كل ظاهرة
عناء ولا عنت ،وإيقاعي أو حدث على شتى وجوهه، أو سلبية ،في التعامل معه
وبناء استراتيجيات ناجعة هو شخصيًّا ،موزعة بين
تحضر فيه الموسيقى ،وهو في الحجاج ،ورفع الالتباس «تدنيس» و»تقديس» ،كعادتنا
نص تكراري متنوع حافل عن قضايا شائكة ،وعرض في النظر إلى الماضي ،وهي
بالتناص ،ويسعى إلى أداء مختلف الآراء حوله ،وإعلاء مسألة رفضها طه نفسه،
وظيفة ،أو ينهض بالمهمة أو قيمة الشك في سبيل الوصول وكان منهجه قائ ًما بالأساس
الرسالة التي كان يحملها طه على مساءلتها ونقدها ،ثم
إلى الحقيقة. إعادتها في ثوب عقلاني
حسين على عاتقه. كما اعتمد طه حسين طريقة
وتناولت الزاوية الثالثة واضح.
المرتبطة بالذات نموذج طه حوارية قامت على التفاعل -6ما حدث من تطور لطه
حسين كمثقف متكامل ،فهو والمشاركة والحوار ،وظهرت
باحث وأديب وناقد ومؤرخ حسين في مجال السرد
وعالم اجتماع ومترجم معالمها في تعميق وتعزيز والنقد والدراسات التاريخية
وصحفي وسياسي ،ارتقى أفكاره هو عبر الاستفادة من
مع توالي إنتاجه ورسوخه، الانتقادات التي وجهت إليه. وتأريخ الأدب ،وما حدث
ليصبح مفك ًرا ،بل هناك من بعده ،سواء في النظريات
يراه فيلسو ًفا .في الوقت ويرى الكاتب أن منهج والأطر التفسيرية ،أو في
نفسه فهو صاحب الوجوه طه حسين قام على عدة مناهج تناول النص والفكر
المتعددة ،إذ إنه الأزهري خصائص هي الحوارية والاقترابات العلمية ،التي
والمدني ،والريفي والمديني، والتعدد ،والشك والتثبت،
وابن الحضارة الشرقية والإفاضة والإحاطة ،وتعدد تجعله ماث ًل للأفهام.
المتحاور بوعي واستقلال زوايا الرؤية والاهتمام، ويقول عمار في مقدمة كتابه
مع الحضارة الغربية ،يبحث والتمييز في الدرس بين العلم «وفق هذا التصور سأتعامل
عن الحكمة أ َّني وجدها فهو والدين ،بما جعل لمنهجه أث ًرا
أولى بها .وهذه الثنائيات لا يختلف عليه الناس ،لكن لا هنا مع فكر طه حسين
تزال محل أخذ ورد في الثقافة يمكن لمنصف أن ينكر ما جاد وأدبه على أنه شيء حاضر
العربية المعاصرة ،يضاف به من إيجابيات على التفكير ومستمر ،وهذه مسألة تبدو
إليها بالطبع تلك المقابلة بين والتدريس والبحث في العالم مستقرة وظاهرة لا مجاملة
فيها ولا تجوز ،فهو نفسه
البادية والحضر. العربي.
ويرى المؤلف أن طه حسين وفي الزاوية الثانية المتعلقة كان يرى أن القديم يجب
بالنص درس الكاتب أسلوب أن يظل متداو ًل ما دام نفعه
يمكنه أن يقول عن نفسه: طه حسين ولغته الشفاهية، قائ ًما .لذا فإن ما ترك الرجل
أنا الكاتب الحر ،ابن عصره، بنت الإملاء ،التي اعتمدت على من تاريخ المعرفة أو العلم،
لم ينق ِض بعد ،ولا يبدو أنه
المنذور لمهمة عظيمة ،الذي
سيكون كذلك ،إن لم يكن