Page 66 - m
P. 66

‫العـدد ‪59‬‬                                                                                                 ‫‪64‬‬

                                                 ‫نوفمبر ‪٢٠٢3‬‬

‫أيمن معروف‬

‫(سوريا)‬

‫أف ِّكُر عاد ًة‬

   ‫كان ْت‪ ،‬الفراش ُة تح ُّط على ميس ِم‬                 ‫ث َّم َة‪ ،‬دائ ًما ما يمك ُن أ ْن نقو َل ُه‪.‬‬  ‫عاد ًة‪ ،‬أف ّك ُر في ِك بال َّطريق ِة التي يف ّك ُر‬
‫ال َّز َهر‪ .‬تلم ُس الرشي َم فتتفتَّ ُح ورد ٌة‬     ‫البارحة‪ ،‬جلس ِت صامت ًة على الكنب ِة‬                 ‫فيها أولاد ال َّشتات‪ .‬أجم ُع ما في‬
‫في ال َّطريق‪ .‬كا َن ِت ال ّطري ُق إلى النب ِع‬
                                                                      ‫في ال َّصالون‬                 ‫ال َّذاكر ِة من أطيا ٍف وصو ٍر ع ْن بيتِ ِك‬
 ‫جا َّف ًة وموحش ًة تكث ُر على جانبيها‬             ‫وجلس ُت على كنب ٍة أخرى‪ .‬لم‪ ،‬نق ْل‬               ‫القدي ِم‪ .‬ع ِن ابتسامتِ ِك وأن ِت تقلِّمي َن‬
   ‫نباتا ُت ال َّط ُّيو ِن وال ُّشوفا ِن‪ .‬زم ٌن‬    ‫شيئًا‪ .‬كان‪ ،‬الوق ُت يشب ُه انكسا ًرا‬             ‫الورد‪ .‬ع ِن انحناء ِة جس ِم ِك وأن ِت‬
    ‫طوي ٌل م َّر ولم تطأها قدمان أو‬               ‫ما ونف ِّك ُر بكثي ٍر من ال َّصب ِر والأنا ِة‬     ‫تضعي َن شيئًا ما على ال َّطاولة‪ .‬ع ْن‬
     ‫ُتخ ِّض ْب ترب َتها دمع ُة عاشق‪.‬‬                                                               ‫االللّقيلهكو ِّةي‪.‬وع ِنصاول ِتنَّ ِهك ِرالأوأنس ِمت ِر‬  ‫فستا ِن ِك‬
 ‫المسأل ُة‪ ،‬ذا ُتها ع ِن الي ِد التي ترط ُم‬           ‫كي َف يمك ُن إصلا َح ما انكسر؟‬                                                                        ‫م ْن َفر ِط‬
                                                  ‫كانت‪ ،‬الساع ُة تشي ُر إلى الثاني َة بع َد‬         ‫تر ِّشي َن علي ِه ما َء ال َّصباح‪.‬‬
                                                                                                    ‫عاد ًة‪ ،‬ما أف ِّك ُر في ِك وأف ِّسر الأشيا َء‬
                                                                   ‫منتص ِف الليل‪.‬‬                   ‫بميلِها ال َّشدي ِد لل َّضو ِء‪ .‬أسم ُع نينوى‬
                                                      ‫وكا َن‪ ،‬واض ًحا أ َّن اللوح َة التي‬            ‫بابل والآشور ِّيين أقدم موسيقى‬
                                                   ‫تتأ َّملي َنها على الجدا ِر مائل ٌة بشك ٍل‬         ‫على وج ِه الأر ِض‪ .‬أختل ُق أعذا ًرا‬
                                                                                                    ‫مه ّم ًة للكسل وأنتظ ُر بري َد ال َّسماء‪.‬‬
                                                                         ‫صحيح‪.‬‬                          ‫ال َّشي ُء المذه ُل الوحي ُد الذي لا‬
                                                     ‫كا َن‪ ،‬ث ّم َة ما يمك ُن أن نقو َل ُه في‬       ‫أستطي ُع التفكي َر في ِه كثي ًرا ملام ُح‬
                                                 ‫الثَّاني ِة بع َد منتص ِف اللي ِل عن الوق ِت‬        ‫عيني ِك لأ َّنهما في القا ِع‪ .‬في القا ِع‪،‬‬
                                                    ‫المكسور‪ .‬ع ِن الجدا ِر‪ .‬ع ْن اللَّوح ِة‬         ‫تما ًما‪ .‬في تل َك ال ُّنقط ِة العميق ِة هنا َك‬
                                                                                                    ‫م ْن بؤب ِؤ العينين‪ُ ،‬تذيبانني‪.‬‬
                                                           ‫المائل ِة تلك وأمور أخرى‪.‬‬                ‫أن ِت‪ ،‬خلاص ُة ما تقو ُل ُه الأبجد ّي ُة‬
                                                                                                    ‫وأنا طف ُل الحروف المدلَّه‪.‬‬
                                                           ‫***‬
                                                                                                    ‫***‬
                                                     ‫ك ُّل الذي َن‪ ،‬كتبوا عن الجما ِل لم‬
                                                        ‫يكتبوا م َّر ًة واحد ًة عن ي ِدك‪.‬‬             ‫ث َّم َة‪ ،‬ما يمك ُن أ ْن نقو َل ُه دائ ًما‪ ،‬أنا‬
                                                                                                                             ‫وأن ِت‪.‬‬
                                                  ‫انتبه ُت‪ ،‬وأنا أتم َّشى في حق ِل ال ُّنور‬
                                                      ‫على موضوع ِة الجما ِل التي لم‬                   ‫في الحديق ِة‪ .‬في البا ِب‪ .‬في الحافل ِة‪.‬‬
                                                                                                        ‫على حاف ِة نه ٍر‪ .‬في المد ِن المنسيَّ ِة‬
                                                 ‫يكت ْب عنها أحد‪ ،‬وف َّكر ُت في ك ِّل هذه‬
                                                   ‫اللامسا ِت م َن ال َّضو ِء التي تركتها‬           ‫الكبير ِة‪ .‬في ال َّشار ِع العا ِم‪ .‬في البيت‪.‬‬
                                                    ‫ي ُد الله على رو ِح الأشياء وذهب ُت‬
                                                     ‫بعي ًدا في تفسي ِر هذا ال ُبع ِد الذي‬
                                                   ‫ُتحد ُث ُه في البعي ِد‪ ..‬البعي ِد‪ ..‬كيميا ُء‬
                                                                         ‫اللَّمسة‪.‬‬
   61   62   63   64   65   66   67   68   69   70   71