Page 29 - merit 47
P. 29
27 إبداع ومبدعون
رؤى نقدية
من المجالات والعلوم الإنسانية ،يمكن لنا أن نشير -ما حاجة السرد الروائي للتعبير عن الهوية
إلى تصورين حول مفهوم الهوية ،يرى التصور الثقافية؟
الأول :أن «الهوية ثابتة مكتملة متحققة من خلال
الماضي ،لذلك يذهب المفكر العربي محمد عمارة -كيف يعبر المكان عن تمثل الهوية الثقافية من
خلال رواية زغاريد الموت؟
إلى أن الهوية تعني جوهر الشيء وحقيقته ،فهوية
الإنسان أو الثقافة أو الحضارة هي جوهرها -ما مفهوم الهوية؟ هل هي مفهوم ضيق ،مغلق
على ذاته؟ أم هي مفهوم منفتح على الأخر؟
وحقيقتها ..وهوية الشيء ،هي الثوابت التي لا
تتجدد ولا تتغير ،تتجلى وتفصح عن ذاتها دون -كيف تتشكل الهوية الثقافية انطلا ًقا من ثنائية
أن تخلي مكانها لنقيضها طالما بقيت الذات على قيد الأنا والأخر؟
الحياة»(.)4 -1المصطلحات الأساسية /محاولة
أما التصور الثاني فهو يعتبر الهوية غير ثابتة في الضبط (السرد ،الهوية ،الهوية
ومتحولة ،يتم اكتسابها وتعديلها باستمرار ،فهي
قابلة للتغير والتبدل ،يقدم محمد عابد الجابري الثقافية)
فه ًما مع َّم ًقا للهوية يرى فيه أن الهوية «كيان يصير
يتطور ،وليس مع ًطى جاه ًزا ونهائيًّا ،هي تصير لا بد لنا في البداية من الوقوف عند أهم المفاهيم
وتتطور ،إما في اتجاه الانكماش ،وإما في اتجاه الإجرائية في المقال( :السرد ،الهوية ،الثقافية) ،إن
الانتشار ،وهي تعتني بتجارب أهلها ومعاناتهم المقصود بالسرد في هذه الدراسة هو تلك العملية
وانتصاراتهم وتطلعاتهم ،وأي ًضا احتكاكها سلبًا الإجرائية التي تنتج عنها القصة ،حيث يصير كل
شيء من وصف وحوار وتعليق مرو ًّيا أو محكيًّا
وإيجا ًبا مع الهويات الثقافية الأخرى»(.)5 أي مسرو ًدا»( )2والسرد أداة الخطاب الروائي ،إذ
ومن التعريفات المقدمة نجد للهوية الثقافية، إنه يشمل المستوى التعبيري في العمل الروائي بما
أنها« :نظام من القيم والتصورات والتمثلات في ذلك الحوار والوصف ،وهو بهذا المفهوم يقابل
التي يتميز بها مجتمع ما تب ًعا لخصوصياته الحكي ويشكل معه حلقة تستوعب النص كله(،)3
التاريخية والحضارية ،وكل شعب من الشعوب
البشرية ينتمي إلى ثقافة متميزة عن غيرها ،وهي بذلك فالسرد عنصر أصيل في الرواية ،يتميز
كيان يتطور باستمرار ويتأثر بالهويات الثقافية بالرحابة والشمولية وبالقدرة على تسريد مكونات
الأخرى»(.)6 الذات وعناصر الهوية ،كما أن له قوة كبيرة في
بذلك نجد أن للهوية وجهان تمثيل الواقع والأفكار والاعتقادات والتعبير عن
أحدهما تابت والأخر متغير،
فهناك أمور ثقافية يصعب الذات المختلفة عن الأخر ،والذات
تغيرها فهي ثابتة ،وهناك أمور في علاقتها بالذات الأخرى في
مكتسبة فهي متغيرة حسب شبكة العلاقات المترابطة ،كما
متغيرات التاريخ والثقافة للسرد الفضل في تشكيل الإنسان
والزمن .وبما أن الهوية ليست صورة عن نفسه وعن مجتمعه
وعن الثقافة بشكل عام.
بنا ًء كام ًل وجاه ًزا ،إنما هي إذا انتقلنا لمفهوم الهوية نجده
سيرورة تخضع لتحولات حظي باهتمام العديد من
التاريخ والثقافة ،يمكن لنا الدارسين والباحثين،
القول إن السرد هو الآخر فتداخل مفهوم الهوية
وتشابه مع مجموعة من
عملية بناء وتنظيم ،تعيد التخصصات ،وذلك لكونه
الانسجام للمتنافر والمشتت، يتحرك ضمن مجموعة
عبد الكريم جويطي