Page 216 - merit 45
P. 216

‫مختصر لسياقات ما بعد‬           ‫التتبع هنا يكشف طريقة تكييف‬
‫الحداثة للمجتمع المصري‪،‬‬             ‫المواطن مع محيطه وعوالمه‬
 ‫وتعبير عن الهوية لمجتمع‬            ‫الخاصة إلى عوالم أخرى أوسع‬

    ‫يبحث عن هوية‪ ،‬يبقى‬        ‫وأشمل من نظم اجتماعية وأنظمة‬
   ‫السؤال مفتو ًحا أمام ما‬       ‫مؤسسية‪ ،‬ينتج عن هذا التداخل‬
                                     ‫ثقافة الكتابة على التوكتوك‬
    ‫يمكن استخلاصه من‬
‫الحقيقة «الساخرة» المتمثلة‬    ‫ليكون كالأثر المتنقل والخطاب غير‬
                               ‫اللفظي المتجول في شوارع وأزقة‬
     ‫في ثقافة الكتابة التي‬    ‫الدولة‪ ،‬حيث إن تلك الكتابات تعد‬
 ‫تلخص لحظة أساسية في‬            ‫نو ًعا من أنواع المقاومة اليومية‪..‬‬
  ‫توقيت المجتمع‪ ،‬وتشكل‬
‫عينة بسيطة لتشريح طبقة‬           ‫لافتات نصية من كلمات‬        ‫ورائها ونبتسم في هدوء‪.‬‬
                              ‫وعبارات تستحوذ على عين‬           ‫ثقافة التوكتوك تحدي ًدا‪،‬‬
               ‫هامة منه‪.‬‬       ‫المار‪ ،‬ويضيف بها السائق‬      ‫ونظ ًرا لأنها الأكثر انتشا ًرا‬
                               ‫رؤيته أو منظوره الخاص‬       ‫بين الطبقات الشعبية‪ ،‬حيث‬
  ‫تتبع أثر من على‬                                          ‫الكثير من الأعباء والضغوط‬
   ‫ظهر التوكتك‬                                  ‫للحياة‪.‬‬       ‫تواجه السائق والزبون‪،‬‬
                              ‫المثير للاهتمام لنا كباحثين‬     ‫من مشاكل زيادة أسعار‬
 ‫يمكن للافتات التكاتك أن‬                                        ‫التنقل في وسائل النقل‬
   ‫تعامل بشكل نقدي مع‬           ‫لمعرفة السياقات الثقافية‬    ‫الأخرى‪ ،‬والصعوبات التي‬
    ‫الواقع للثقافة المهيمنة‪،‬‬       ‫والمعرفية والاجتماعية‬   ‫يواجهها التوكتوك في حظر‬
      ‫حقيقة الأمر أن تتبع‬                                       ‫استخدامه في الشوارع‬
   ‫أثر تلك الثقافة من على‬     ‫المنحدرة منها ثقافة الكتابة‬
                                 ‫على وسائل النقل‪ ،‬يطرح‬           ‫الرئيسية وصعوبات‬
 ‫ظهر التوكتوك هي مجال‬             ‫هذا النهج تساؤ ًل حول‬       ‫الترخيص‪ ،‬كل ذلك أدى‬
  ‫العمل الميداني للباحث أو‬      ‫إرث ثقافة الكتابة نفسها‪،‬‬     ‫إلى إشعال «نضال يومي»‬
                                ‫ويدفعنا إلى تأملات حول‬         ‫من أجل البقاء وتسابق‬
    ‫المراقب «الاثنوجرافي»‪،‬‬        ‫قدرة الكاتب أو الباحث‬
    ‫فعند المراقبة والتحليل‬      ‫المستمرة على التقاط نقاط‬        ‫السائقين على «الزبون‬
 ‫يكون تتبع تلك النصوص‬                                      ‫المحتمل»‪ ،‬ولذلك وجب لفت‬
   ‫له سحر خاص‪ ،‬تحدي ًدا‬        ‫اللقاء بين الخيال والواقع‪،‬‬
                              ‫الماضي والمستقبل‪ ،‬الحاضر‬         ‫انتباه المارة لشكل عربة‬
        ‫في المناطق الريفية‬                                     ‫المركبة الخارجي‪ ،‬ولفت‬
  ‫والعشوائية التي يقطنها‬           ‫مع الغائب‪ ،‬حيث يبدو‬          ‫الأنظار إليها من خلال‬
 ‫«ملح الأرض»‪ ،‬ترصد لنا‬           ‫أن تلك الثقافة هي نقطة‬
    ‫بشكل انعكاسي حدود‬          ‫مرجعية معيارية ووصف‬

     ‫الافتراضات الواقعية‬
‫حول النص المكتوب بشكل‬

  ‫بسيط لكن ببلاغة ملفتة‪،‬‬
     ‫يكون لرصد وتحليل‬
     ‫الباحث فيها كالسحر‬
         ‫مطاب ًقا لممارسته‪.‬‬
            ‫وضع ك ٌّل من‬
      ‫ماركوس وكوشمان‬
   211   212   213   214   215   216   217   218   219   220   221