Page 219 - merit 45
P. 219

‫‪217‬‬  ‫الملف الثقـافي‬

     ‫إنها تسكن مكانة بين‬       ‫ابن عمتك)! فعلى المستوى‬           ‫ج ًّدا يتم تمثيل السلطة‬
‫الثقافة الجماهيرية وضمير‬      ‫الرمزي للافتة تمثل النساء‬            ‫الأبوية‪ ،‬أو بالأحرى‬
                               ‫دائ ًما مادة لهذه العبارات‪،‬‬
    ‫الأمة‪ ،‬فتحول مضمون‬                                          ‫التغييرات الثقافية التي‬
 ‫هذه العبارات «من ملاجئ‬            ‫حيث الارتباط بأفكار‬           ‫تقوض الأيدولوجيات‬
‫اجتماعية لملاجئ اجتماعية‬          ‫المجتمع الذكوري الذى‬      ‫السائدة في مصر‪ ،‬من خلال‬
 ‫وثقافية وسياسية»‪ ،‬وبعد‬          ‫يريد فيه الرجل التأكيد‬          ‫تلك اللافتات‪ ،‬لتعريف‬
                                   ‫على تفوقه دائ ًما‪ ،‬مثل‬       ‫السلطة الأبوية ببساطة‬
  ‫أن كان الهدف منها لفت‬        ‫هذه النصوص التي ينتقد‬         ‫نصف مجتم ًعا بيروقراطيًّا‬
  ‫النظر للسيارة‪ ،‬أصبحت‬          ‫فيها الإفراط في استعمال‬       ‫تمكن من هيمنة شخصية‬
 ‫مكا ًنا للتعبير عن المواقف‬       ‫مساحيق التجميل‪ ،‬كما‬           ‫الأب على كل مستويات‬
‫الاجتماعية وأحيا ًنا للدعاية‬    ‫في نص آخر (نيمي أهلك‬             ‫المجتمع‪ ،‬وبالتالي نجد‬
  ‫لبعض المنتجات‪ ،‬تستحق‬             ‫وتعالي على مهلك)‪ ،‬أو‬     ‫لافتات مثل‪( :‬امسح المكياج‬
                               ‫(المرأة مكانها المطبخ)‪ ،‬أو‬   ‫من صحبتك هتلاقي فتحي‬
     ‫من خلال هذه المكانة‬       ‫(شغل الم َّساحات وعاكس‬
   ‫الانتباه لقيمتها الثقافية‬       ‫في البنات)‪ ،‬أو (اتنين‬
    ‫الهامة وخرائط الواقع‬           ‫ملهمش أمان الفرامل‬
    ‫الاجتماعي‪ ،‬واعتبارها‬          ‫والنسوان)‪ ،‬حيث نجد‬
 ‫مصفوفات لخلق الضمير‬            ‫تمثيل الذكر «كبطريرك»‬

       ‫الجماعي في المنطقة‬           ‫الأسرة‪ ،‬وهو خطاب‬
    ‫الشعبية‪ ،‬وبحث كيفية‬           ‫يربط السلوك المنحرف‬
 ‫استغلال مساحات المجال‬            ‫بالمرأة فقط‪ ،‬تسهم لغة‬
   ‫العام في خلق مزيج من‬        ‫اللافتة في ترسيخ الصور‬
 ‫النصوص والصور بهدف‬            ‫النمطية للسيدات الخاصة‬
   ‫النقد الاجتماعي الكامن‬        ‫بقلة وفاء النساء‪ ،‬فمثل‬
‫داخل المواطن البسيط‪ ،‬هي‬         ‫العديد من الدول العربية‬
    ‫حالة يكون في ظاهرها‬
  ‫الحكمة وفي باطنها خواء‬           ‫فشلت مصر في جني‬
   ‫لا متنا ٍه يعبر عن أناس‬      ‫فوائد ما يسمى «بالعائد‬
   ‫لم ينل أغلبهم أي قسط‬       ‫الديموغرافي» (زيادة نسبة‬
   ‫من التعليم ‪-‬الأمر الذي‬      ‫الإناث عن نسبة الذكور)‪،‬‬
   ‫ينتج عنه انتهاك صارخ‬         ‫حيث ظل مفهوم السلطة‬

      ‫للغة العربية‪ ،-‬لكنها‬          ‫الأبوية مفرو ًضا من‬
    ‫تظل مساحة عامة لفن‬        ‫الأنظمة الاجتماعية والبنى‬
     ‫شعبي يكتسب مكانة‬
 ‫رمزية في الذاكرة الثقافية‬          ‫والسياقات الأخرى‪.‬‬
 ‫المصرية‪ ،‬اعتمد على ثروة‬           ‫اللافتات على التكاتك‪،‬‬
  ‫من النصوص التي كانت‬               ‫كأشكال فنية تتدفق‬
  ‫راسخة في ثقافة وذاكرة‬          ‫عبر الحدود‪ ،‬هي عدسة‬
     ‫الناس‪ ،‬ولديها صدى‬         ‫يمكن من خلالها مشاهدة‬
                               ‫الثقافة المصرية المعاصرة‬
      ‫عاطفي قوي وقدرة‬          ‫والسائدة في نفس الوقت‪،‬‬
   ‫على استحضار الأحداث‬
   214   215   216   217   218   219   220   221   222   223   224