Page 217 - merit 45
P. 217

‫‪215‬‬  ‫الملف الثقـافي‬

 ‫كالأثر المتنقل والخطاب غير‬         ‫للباحث الاثنوجرافي مع‬         ‫‪1982Marcous and‬‬
  ‫اللفظي المتجول في شوارع‬            ‫النصوص له بعد آخر‬                ‫‪ Cushman‬نهج‬
 ‫وأزقة الدولة‪ ،‬حيث إن تلك‬             ‫مستمد من النظريات‬
 ‫الكتابات تعد نو ًعا من أنواع‬          ‫الاجتماعية والثقافية‬         ‫مبكر لمحاولة التقاط‬
                                   ‫المتغيرة‪ ،‬ليس في المجتمع‬       ‫خريطة المجال الناشئ‬
      ‫المقاومة اليومية‪ ،‬يبحث‬      ‫المصري فقط بل في العالم‬     ‫لـ»أثنوجرافيا النصوص»‪،‬‬
    ‫أصحابها عن التأكيد على‬          ‫أجمع‪ ،‬على سبيل المثال‬    ‫أو تتبع التحليل الاثنوجرافي‬
‫هويتهم الشخصية‪ ،‬كما أنهم‬         ‫تفكيك الخطابات السياسية‬       ‫للنصوص وثقافة الكتابة‪،‬‬
  ‫يريدون لفت الانتباه إليهم‪،‬‬         ‫والتغيرات الاجتماعية‪،‬‬         ‫حيث يتم فيها أو من‬
   ‫ولأنهم من أصحاب الميول‬       ‫والقضايا التنموية ومجالات‬     ‫خلالها انتقاد الواقع نظر ًّيا‬
   ‫الاستعراضية يتفننون في‬        ‫أخرى شائعة ومتنامية من‬      ‫وتجاوزه عمليًّا في الكتابات‬
   ‫اختيار الجمل التي تحظى‬         ‫مجال البحث الاثنوجرافي‬          ‫واللافتات‪ ،‬وتناول ما‬
   ‫برواج في المجتمع على أمل‬          ‫المبني على الخبرة فيما‬    ‫يسمى ثقافة «نقد الكتابة‬
                                     ‫يتعلق باللغة والتاريخ‬         ‫وإنتاج المعرفة» الذي‬
              ‫جذب الأنظار‪.‬‬                                      ‫فتح المجال للأثنوجرافيا‬
                                           ‫ودراسات عدة‪.‬‬       ‫كوسيلة لاستيعاب دلالتها‬
   ‫لافتات «المزاولة‬                ‫الأمر ببساطة هو تجاوز‬      ‫واحتواء آثارها‪ ،‬من خلال‬
      ‫والممانعة»‬                   ‫نهج الأوساط الأكاديمية‬     ‫فكرة أنه يتعامل ليس فقط‬
                                  ‫وتهجينه مع فكر الشارع‬       ‫مع النصوص المكتوبة‪ ،‬بل‬
   ‫يغلب استخدام النصوص‬           ‫البسيط‪ ،‬التتبع هنا يكشف‬        ‫مع استراتيجيات تأليف‬
  ‫المتداولة خاصة عندما يريد‬       ‫طريقة تكييف المواطن مع‬
                                   ‫محيطه وعوالمه الخاصة‬                 ‫المحتوى ذاته(‪.)1‬‬
    ‫صاحب المركبة إنكار كل‬                                    ‫الآن في موجة النقد لعصر‬
    ‫الصور النمطية التي يتم‬           ‫إلى عوالم أخرى أوسع‬
   ‫فرضها عليه‪ ،‬عندما يطمح‬         ‫وأشمل من نظم اجتماعية‬             ‫ما يطلق عليه ما بعد‬
    ‫ويحاول تحديد دوره في‬                                      ‫الحداثة‪ ،‬أو ما بعد البنيوية‬
‫العالم‪ ،‬عندما يريد أن يرفض‬          ‫وأنظمة مؤسسية‪ ،‬ينتج‬
 ‫كل جانب من جوانب واقعه‬              ‫عن هذا التداخل ثقافة‬       ‫أو عصر الحداثة السائلة‬
   ‫تقريبًا‪ ،‬عندما يريد التمرد‬                                     ‫(كما صاغها زيجموند‬
‫على كل واقع اجتماعي يعيش‬        ‫الكتابة على التوكتوك ليكون‬
‫في ظله‪ ،‬عندما يريد رفض كل‬                                    ‫باومان)‪ ،‬فإن العمل الميداني‬
  ‫الخيارات المتاحة له‪ ،‬عندما‬
 ‫يريد نفي كل الاتهامات التي‬
    ‫تترافق مع هويته‪ ،‬حينها‬
  ‫يكون النص رف ًضا لكل من‬
   ‫المطابقة والقمع الذي غالبًا‬
    ‫ما يخنق المنطقة الشعبية‬

       ‫والثقافة الخاصة بها‪.‬‬
      ‫من بين تلك النصوص‬
   ‫واللافتات التي تتعامل مع‬
  ‫الواقع النصوص الساخرة‪،‬‬
   ‫التي تمثل محاكاة ساخرة‬
   212   213   214   215   216   217   218   219   220   221   222