Page 227 - merit 45
P. 227

‫أهل الحديث يرون صفة الكلام‬
 ‫الإلهية قديمة قدم الذات المقدسة‪،‬‬
‫وبذلك جعلوا القرآن كله قدي ًما‪ ،‬وهذا‬

   ‫كان –ولا يزال‪ -‬محل نزاع فلسفي‬
  ‫بينهم وبين المعتزلة وأهل الرأي‬
   ‫قدي ًما‪ ،‬وبين العقلاء والمفكرين‬

    ‫والفلاسفة والإصلاحيين حدي ًثا‪،‬‬
‫فحسب الفكر الاعتزالي أن صفة الكلام‬
‫ليست صفة ذات‪ ،‬بل هي صفة حدوث‪،‬‬

 ‫وبالتالي فالقرآن به آيات مخصوصة‬
  ‫للزمان والمكان لا يمكن إطلاقها‪.‬‬

     ‫النظر‪ ،‬وأعترف أنني راقبتها‬       ‫في القرن ‪ 19‬حتى أنها تناولت‬     ‫ولربما تتطور لحروب مباشرة في‬
    ‫لمدة سنوات حتى هضمت ما‬        ‫الشرق بمنطور عقلي جديد أحيا ما‬               ‫المستقبل لا نعلم مداها‪.‬‬
    ‫يقولونه بشكل كامل‪ ،‬فقررت‬
                                                 ‫كان عليه المعتزلة‪.‬‬     ‫أما عن الباحثين الغربيين الذين‬
       ‫مناقشة بعض أفكارهم في‬      ‫لذلك بدأ عصر العقل الإسلامي مع‬          ‫يكتبون في الإسلام فأنا أرى‬
  ‫دراستين هما «مكة بين التاريخ‬     ‫المستشرقين الأوروبيين في القرن‬
  ‫والقدسية» و»رحلة في جدليات‬                                            ‫أن حالة الاستشراق الموضوعي‬
‫الإسلام المبكر»‪ ،‬طرحت في هاتين‬        ‫‪ 19‬بعد حوالي ‪ 10‬قرون كاملة‬      ‫للإسلام انتهت‪ ،‬ولم تعد موجودة‬
  ‫الدراستين بعض وجهات النظر‬         ‫من انهيار عصر العقل باضطهاد‬
                                                                        ‫سوى كحالة تاريخية في أعقاب‬
     ‫الناقدة والاعتراضية على ما‬                           ‫المعتزلة‪.‬‬    ‫رغبة الشعوب الغربية في معرفة‬
 ‫قدموه‪ ،‬وكثير من تحليل رؤيتهم‬                ‫أما الاستشراق الحالي‬      ‫الشرق منذ عصر الرحالة مارك‬
                                        ‫فيدور في معظمه حول حالة‬      ‫بولو‪ ،‬حتى نهاية عصر الاستعمار‪،‬‬
  ‫لتقريب وجهة نظر الاستشراق‬           ‫«الإسلاموفوبيا»‪ ،‬فهو يناقش‬
  ‫الجديد الذي أراه يتناول الحالة‬      ‫الإسلام من وجهة نظر عدائية‬          ‫وما بين العصرين أي ما بين‬
‫الإسلامية من وجهات نظر عدائية‬         ‫من الجذور‪ ،‬لا موضوعية كما‬         ‫القرنين الثالث عشر والعشرين‬
                                   ‫كان عليه جولدتسيهر وجوستاف‬            ‫كان الاستشراق نش ًطا وتطور‬
     ‫يغلب عليها الجانبين الديني‬    ‫لوبون ونولدكة وجوزيف شاخت‬         ‫بأشكال مختلفة‪ ،‬حتى أنه بدأ دينيًّا‬
                      ‫والقومي‪.‬‬    ‫وغيرهم‪ ،‬أما المستشرقين الحاليين‬      ‫بترجمة الكتب المقدسة‪ ،‬ثم انتقل‬
                                    ‫كدان جيبسون وباتريشيا كرون‬          ‫لاحتكاك مباشر وتواصل ثقافي‬
 ‫واسمح لي بتصنيف الاستشراق‬             ‫ومايكل كوك وغيرهم فلديهم‬        ‫في القرنين ‪ ،19 ،18‬وفي تقديري‬
  ‫إلى مرحلتين‪ :‬الأولى موضوعية‬      ‫أفكار مثيرة وآراء جريئة تستحق‬      ‫أن حركة الاستشراق الموضوعية‬
                                                                      ‫تأثرت بمنجزات الثورة الصناعية‬
      ‫علمية كما تقدم وكان عليه‬
 ‫الباحثون الأوروبيون في القرنين‬
   222   223   224   225   226   227   228   229   230   231   232