Page 228 - merit 45
P. 228

‫العـدد ‪45‬‬                            ‫‪226‬‬

                                    ‫سبتمبر ‪٢٠٢2‬‬

      ‫سوف يبدأ بإعادة السياسة‬                      ‫مايكل كوك‬                 ‫‪ 19 ،18‬وأوائل القرن العشرين‪،‬‬
    ‫للمجتمع وتعزيز سلطة ونفوذ‬                                                   ‫والمرحلة الثانية الاستشراق‬
     ‫الأحزاب في صنع الحدث من‬              ‫الصليبية انشقت في رؤيتها‬
 ‫جديد‪ ،‬فالناس تفقد الثقة بالدولة‬         ‫الدينية بشكل كبير‪ ،‬وتسببت‬         ‫العدائي الذي هو ناجم عن تنامي‬
‫إذا غابت الحرية‪ ،‬وبتصرف تلقائي‬       ‫حروب القساوسة في إعادة النظر‬         ‫حركات الإسلام السياسي واليمين‬
     ‫يتبنون وجهات نظر متشددة‬             ‫لصورتهم في المجتمع‪ ..‬بينما‬
                                          ‫وبرغم حروب الشيوخ التي‬              ‫الديني والقومي عند المسلمين‪،‬‬
     ‫في الدين والعرق والسياسة‪،‬‬         ‫أشعلوها الآن طائفيًّا بين السنة‬       ‫فالناصرية والإخوان والسلفية‬
 ‫وهذا سر من أسرار شيوع حالة‬           ‫والشيعة‪ ،‬ما زالت دول المسلمين‬         ‫وكل هذه الحركات صنعت فار ًقا‬
 ‫التصلب السلفي الراهنة في مصر‬         ‫منقسمة طائفيًّا ووجدانيًّا أي ًضا‪،‬‬     ‫وجدانيًّا بين المسلمين وشعوب‬
 ‫بالخصوص‪ ،‬حيث تفاجأنا جمي ًعا‬        ‫وفي تقديري أن حل هذه المعضلة‬            ‫الغرب مثلما صنعت الصهيونية‬
 ‫أن رحيل الإخوان لم يحل مشكلة‬         ‫يبدأ بالسلام السياسي بين دول‬          ‫نفس الفارق‪ ،‬حتى بات النقد من‬
‫التطرف الديني‪ ،‬بل تعقدت المسألة‬       ‫المسلمين‪ ،‬وتطبيع العلاقات بين‬         ‫خارج الصندوق عزي ًزا وإنصاف‬
‫أكثر بشيوع نسخة سلفية متطرفة‬           ‫إيران والعرب‪ ،‬سوف يفتح هذا‬
                                     ‫الباب لرؤية التاريخ بشكل نقدي‬               ‫الآخر صار شحي ًحا للغاية‪،‬‬
      ‫للغاية ناحية المرأة والأقباط‬      ‫يمنع تكرار الحوادث الطائفية‬         ‫وباتت وجهة النظر العدائية بين‬
    ‫في مصر‪ ،‬وما شعبية عبد الله‬                                             ‫الطرفين هي التي تتحكم وتصنع‬
     ‫رشدي التي يكتسبها الآن إلا‬                           ‫بالماضي‪.‬‬           ‫تصورات كلا الطرفين وترسم‬
‫بفضل شيوع هذه النظرة العدائية‬          ‫للأسف ورغم كارثية الحروب‬              ‫ثقافة المفكرين والصحفيين بين‬
     ‫العنصرية تحت سمع وبصر‬          ‫الطائفية بين المسلمين‪ ،‬لكن سلطة‬
                                       ‫رجال الدين لا زالت راسخة في‬                               ‫الشعبين‪.‬‬
                         ‫الدولة‪.‬‬     ‫مجتمعاتهم وتتعزز كلما ارتعشت‬
  ‫أما عن تاريخ الأديان فالمسيحية‬     ‫يد السلطة في الإصلاح‪ ،‬واتسعت‬             ‫من المعروف أن نهضة‬
 ‫تتمتع بميزة أن أول ‪ 3‬قرون من‬          ‫اله َّوة بين الحكومة والمعارضة‬       ‫أوروبا‪ ،‬والغرب عمو ًما‪،‬‬
                                         ‫التي يصعد فيها الإسلاميون‬
    ‫تاريخها لم تكن سياسية‪ ،‬ولم‬      ‫ليسدوا هذه اله َّوة باعتبارهم بدي ًل‬      ‫بدأت بعد نقاط مارتن‬
    ‫يشغل الصراع السياسي فيها‬           ‫دينيًّا وحدو ًّيا‪ ،‬أي أن الإصلاح‬    ‫لوثر‪ ،‬القس الألماني الذي‬
     ‫حي ًزا ليشكل نسبة من النص‬                                            ‫انتقد منح الكنيسة صكوك‬
   ‫الديني‪ ،‬إنما هذا غير موجود في‬                                             ‫الغفران لتابعيها‪ ،‬وم َّهد‬
    ‫الإسلام الذي تأثر تاريخه في‬                                           ‫لفصل الدين عن السياسة‪،‬‬
  ‫أول ‪ 3‬قرون بصراعات سياسية‬                                                ‫والعبادات عن المعاملات‪..‬‬
                                                                          ‫هل تعتقد أن الإسلام قابل‬
      ‫ودينية كبيرة أدت لانشقاق‬                                               ‫لحدوث هذا الفصل؟ مع‬
  ‫وتكوين مذاهب مبكرة‪ ،‬ما زالت‬                                             ‫مراعاة أن غالبية المسلمين‬
 ‫تهيمن على مجتمعات المسلمين إلى‬                                           ‫يرون الإسلام دين ودولة‪،‬‬
 ‫اليوم‪ ،‬وهذا يعني أن الحل سوف‬                                               ‫وينظرون للنبي كرسول‬

        ‫يكون على مسارين اثنين‪:‬‬                                                               ‫وقائد‪.‬‬
    ‫المسار الأول‪ :‬فصل الدين عن‬
   ‫الدولة لقطع الطريق أمام إعادة‬                                               ‫ينبغي النظر لظروف ك ٍّل من‬
    ‫تشكيل المجتمع مذهبيًّا‪ ،‬ومنع‬                                              ‫أوروبا وتاريخ الأديان بشكل‬
                                                                             ‫منفصل‪ ،‬فأوروبا بعد الحروب‬
     ‫الاحتراب الطائفي الذي كلما‬
    ‫يصعد الطائفيون والمتشددون‬
    ‫سياسيًّا واجتماعيًّا يكون ذلك‬

         ‫الاحتراب أقرب وأخطر‪.‬‬
   223   224   225   226   227   228   229   230   231   232   233