Page 229 - merit 45
P. 229

‫‪227‬‬            ‫ثقافات وفنون‬

               ‫حوار‬

‫تيودور نولدكة‬  ‫باتريشيا كرون‬                      ‫إجناتس جولد تسيهر‬     ‫المسار الثاني‪ :‬نقد التراث الديني‪،‬‬
                                                                          ‫وهذا لن يحدث سوى بالحريات‬
       ‫أتفق بشكل كبير‪ ،‬وأضيف‬              ‫لتصبح أكثر شعبية وهي أن‬
    ‫ملحوظة هامة أنه وكلما زادت‬        ‫القانون للجميع أما الدين فللفرد‪.‬‬  ‫الفكرية وإلغاء المواد سيئة السمعة‬
   ‫دعوات تجديد الخطاب الديني‪،‬‬                                           ‫كازدراء الأديان‪ ،‬فهذه المادة عطلت‬
  ‫زادت البرامج الدينية في الإعلام‬      ‫في كتاب «صوت الإمام»‬
    ‫المصري ك ًّما وكي ًفا‪ ،‬ولا ننتبه‬        ‫يرصد د‪.‬أحمد زايد‬               ‫كثي ًرا من الإصلاح وخدمت في‬
    ‫لمعضلة هامة‪ ،‬أن تلك البرامج‬            ‫تسار ًعا في «تديين»‬           ‫المقابل المتشددين والإرهابيين في‬
    ‫لا ُتجدد الخطاب في الواقع بل‬                                        ‫تبرير وجهات نظرهم العدائية ضد‬
   ‫تنشر وتعزز القديم‪ ،‬إضافة إلى‬         ‫المجتمع المصري‪ ،‬سواء‬
‫أن موادها العلمية متأثرة بصحوة‬         ‫بزيادة في نسبة التعليم‬                                    ‫الآخر‪.‬‬
  ‫الإخوان ومفاهيم حقبة السلفية‬         ‫الديني إلى العام‪ ،‬وزيادة‬           ‫فبالمسار الأول نمنع سلطة رجل‬
 ‫الوهابية في الـ‪ 50‬عا ًما الماضية‪..‬‬   ‫المنشآت الدينية‪ :‬الفصول‬
                                                                              ‫الدين التنفيذية‪ ،‬بينما المسار‬
       ‫نحتاج لضبط هذه البرامج‬                ‫والمدارس والمعاهد‬            ‫الثاني نمنع به قبول رجل الدين‬
   ‫ومراجعة موادها العلمية‪ ،‬فهي‬              ‫والكليات والمساجد‬              ‫اجتماعيًّا‪ ،‬وبالتالي تصبح رؤية‬
  ‫السبب الرئيسي في انتشار حالة‬          ‫والزوايا‪ ،‬بالإضافة إلى‬
 ‫التصلب السلفي الراهنة‪ ،‬وزيادة‬          ‫أن منهج مادة الدين في‬                  ‫تاريخ المسلمين بشكل غير‬
  ‫شعبية بعض الشيوخ لدرجة أن‬            ‫التعليم العام كبيرة ج ًّدا‬          ‫مقدس مفتوحة‪ ،‬ويوضع الأئمة‬
‫وصل الحال لزيادة معدل التكفير‬         ‫إذا ما قورنت بدول أخرى‬               ‫المسلمون السابقون في حجمهم‬
‫والعنف اللفظي بالسوشال ميديا‪،‬‬         ‫منذ تونس وماليزيا‪ ..‬هل‬            ‫الطبيعي كونهم مجرد مجتهدي‪،‬ن‬
    ‫ومن شرائح لم تنضم مسب ًقا‬          ‫توافقه على هذا المد؟ وما‬          ‫ربما أنجز بعضهم فكر ًّيا‪ ،‬لكن لا‬
‫لجماعات‪ ،‬بل من شباب ومراهقين‬                                            ‫يستحق ذلك تقديسهم أو اعتبارهم‬
                                              ‫أسبابه في رأيك؟‬
                ‫في مقتبل الحياة‪.‬‬                                                                 ‫أنبياء‪.‬‬
                                                                            ‫نعم الإسلام قابل لحدوث هذا‬
                                                                            ‫الفصل برغم أن الغالبية يرون‬
                                                                           ‫الإسلام دين ودولة‪ ،‬لكن انظر‬
                                                                        ‫عندما يتم هذا الفصل على مستوى‬
                                                                        ‫القوانين وإلغاء كل ما يؤدي للخلط‬
                                                                           ‫المذكور‪ ،‬سوف يشجع أصحاب‬
                                                                         ‫وجهات النظر في الخروج بآرائهم‬
                                                                         ‫النقدية‪ ،‬وفي تقديري أن رؤية تلك‬
                                                                            ‫الغالبية في خلط الدين بالدولة‬
                                                                        ‫حدثت عن طريق العادة‪ ،‬فلو اعتاد‬
                                                                           ‫المسلمون الفصل لسنوات حتى‬
                                                                            ‫لو كان مخال ًفا لصحيح دينهم‬
                                                                             ‫‪-‬وف ًقا لتصورهم‪ -‬فلن يروا‬
                                                                           ‫بالفصل بأ ًسا ويروجون لرؤية‬
                                                                          ‫الإصلاحيين من جديد أن الدولة‬
                                                                          ‫كيان اعتباري مشترك لن يدخل‬
                                                                          ‫الجنة والنار‪ ،‬بل المسلم فقط هو‬
                                                                        ‫الذي يدخل الجنة والنار‪ ،‬مما يعيد‬
                                                                          ‫للواجهة أحد القواعد الإصلاحية‬
                                                                             ‫الهامة التي يطرحها المفكرون‬
   224   225   226   227   228   229   230   231   232   233   234