Page 245 - merit 45
P. 245

‫‪243‬‬  ‫ثقافات وفنون‬

     ‫تاريخ‬

       ‫الهرم الأكبر‬                   ‫التاريخ‪ ،‬وأطلق عليه اسم «آخت‬        ‫وحي ًدا‪ ،‬وقد أمر الحراس والخدم‬
                                    ‫خوفو»‪ ،‬أي «أفق خوفو»‪ .‬وبالرغم‬             ‫بألا يقترب منه أح‏د‪ ،‬وأخطر‬
        ‫ارتبط الشكل الهرمي عند‬
    ‫المصريين القدماء بفكره نشأه‬         ‫من قيامه بالكثير من الأعمال‬         ‫الملكة «مريت إيت إس» أن تظل‬
     ‫الكون‪ ،‬واعتقدوا طب ًقا لبعض‬       ‫الجليلة‪ ،‬والمنشآت العظيمة‪ ،‬إلا‬        ‫في مخدعها بالقص‏ر‪ ،‬ونبه على‬
  ‫كتاباتهم ونصوصهم الدينية أن‬        ‫أن سبب تخليد اسمه في التاريخ‬           ‫ألا تحضر الفرق الموسيقية‪ ،‬أو‬
 ‫الهرم وسيله ُتساعد روح المتوفى‬                                           ‫الراقصات إلى القص‏رفي هذه هي‬
‫في الوصول إلى السماء مع المعبود‬            ‫هو هرمه‪ ،‬الذي شيده على‬          ‫الليلة العظيمة‪ ،‬التي سوف يفكر‬
     ‫«رع»‪ .‬ويمكن أن نرى أحيا ًنا‬     ‫هضبة الجيزة‪ ،‬ولا يزال شام ًخا‪،‬‬         ‫فيها في كيفية الوصول إلي بناء‬
                                     ‫والمعروف باسم «الهرم الأكبر»‪.‬‬       ‫حجرة الدفن والبهو العظيم داخل‬
     ‫أشعه الشمس بين السحاب‪،‬‬                                                   ‫الهر ‏م‪ ،‬وكان ينظر إلي سقف‬
‫وهي تأخذ الشكل الهرمي‪ .‬والذي‬           ‫وقبل أن يتم بناء الهرم‪ ،‬وقبل‬      ‫صالة الاستقبال في القصر‪ ،‬ويبدو‬
                                        ‫أن تكتمل فرحة الملك «خوفو»‬         ‫وجهه متجه ًما عاب ًسا‏‏‪ ،‬وقد خلع‬
    ‫نراه في أعلى المسلات‪ ،‬وبعض‬           ‫توفيت والدته المحبوبة الملكة‬
‫المقابر الصغيرة للأفراد في جنوب‬       ‫«حتب حرس»‪ ،‬بعد أن بلغت من‬                        ‫تاجه وجلس يفكر‪.‬‬
                                    ‫الكبر عتيًّا‪ ،‬وبعد أن شاهدت مولد‬          ‫فقد أرسل البعثات إلى وادي‬
    ‫مصر‪ ،‬حتى عندما فكر ملوك‬           ‫حفيديها «خفرع» و»منكاورع»‪،‬‬            ‫المغارة لإحضار الفيروز‪ ،‬حيث‬
  ‫الدولة الحديثة في بناء مقابرهم‬       ‫فحزن عليها الملك حز ًنا شدي ًدا‪،‬‬     ‫وجد اسمه وصورة تمثله وهو‬
   ‫في البر الغربي في وادي الملوك‪،‬‬      ‫ودفنها بقبرها في دهشور‪ ،‬مع‬         ‫يهوي على رأس شخص بدبوس‬
  ‫ونقرها في باطن الجبل لحمايتها‬                                            ‫قتال‪ ،‬وله تمثال وحيد عثر عليه‬
 ‫من السرقة لم يتخلوا عن الشكل‬             ‫جميع مخلفاتها وجواهرها‪،‬‬          ‫في أبيدوس من العاج‪ ،‬وهو الآن‬
‫الهرمي‪ ،‬والذي كان ممث ًل في قمة‬           ‫وحجرة النوم الذهبية‪ ،‬التي‬          ‫بالمتحف المصري‪ .‬وحكم طب ًقا‬
                                      ‫أهداها إليها زوجها الراحل الملك‬         ‫لبردية «تورين» حوالي ثلاث‬
    ‫الجبل نفسه‪ ،‬وبشك ٍل طبيعي‪.‬‬        ‫«سنفرو»‪ ،‬وقد كان لوفاة الملكة‬        ‫وعشرين سنة‪ .‬وفي عهده ُبني‬
    ‫والأهرامات بالشكل الهندسي‬       ‫أثر سيئ على صحة الملك‪ ،‬فأخذت‬         ‫الهرم الأكبر في الجيزة سنة‬
   ‫المعروف هي أحد المعالم المميزة‬       ‫تتدهور حتى وافته المنية‪ ،‬بعد‬       ‫‪ 2650‬ق‪.‬م‪ ،‬أضخم‬
                                     ‫أن عاش من العمر أطوله‪ ،‬فحزن‬         ‫بناء حجري عرفه‬
       ‫للمعمار في الدولة المصرية‬     ‫عليه شعبه المخلص حز ًنا عمي ًقا‪،‬‬
     ‫القديمة‪ ،‬ومن أشهرها الهرم‬      ‫وشيعه إلى قبره الخالد في احتفال‬
       ‫الأكبر‪ ،‬الذي بناه «خوفو»‪،‬‬          ‫مهيب‪ ،‬ثم وضعه الكهنة في‬
     ‫كإحدى عجائب الدنيا السبع‬       ‫حجرة الدفن بداخل الهرم الأكبر‪،‬‬
 ‫القديمة‪ ،‬وقد زالت الست الأخرى‬       ‫وأغلقوا الأبواب‪ ،‬وسدوا الممرات‬
   ‫ولم يعد لها وجود‪ ،‬أما معجزة‬         ‫الموصلة لحجرة الدفن‪ ،‬ليرحل‬
  ‫الأهرام فلا تزال باقية‪ ،‬ومن ثم‬       ‫في عظمة وشموخ‪ ،‬ذلك الملك‬
   ‫فإن الهرم الأكبر يوصف بأنه‬       ‫العملاق الذي خلده هرمه‪.‬‬

             ‫«معجزة المعجزات»‪.‬‬
     ‫وقد ُبن ّي الهرم الأكبر ليكون‬
   ‫مقبرة للملك «خوفو»‪ ،‬وقد مثل‬
 ‫المرحلة الثالثة والأخيرة في تطور‬
 ‫المقابر الملكية إلى الشكل الهرمي‪،‬‬
‫حيث بدأ بناء المقابر عند المصريين‬
 ‫القدماء بحفرة بسيطة في الأرض‬
   ‫يكومون فوقها كوم من الرمل‬
    ‫مستطيل الشكل في عصور ما‬
   240   241   242   243   244   245   246   247   248   249   250