Page 32 - merit 45
P. 32

‫العـدد ‪45‬‬   ‫‪30‬‬

                                                           ‫سبتمبر ‪٢٠٢2‬‬

     ‫الصحراوية التي تمثل المكان الذي تنامت عليه‬               ‫وتفاصي َل ومعالج ًة‪ -‬تنتسب إليها وتلتصق بها‪،‬‬
  ‫الأحداث وترعرعت على أرضه الشخصيات‪ ،‬ولعل‬                       ‫و ُي ْن َظ ُر إلى عتبات النص أو المناصات على أنها‪:‬‬

    ‫طغيان هذا اللون واستبداده بالقسم العلوي من‬              ‫«بنيات لغوية وأيقونية تتقدم المتون وتعقبها لتنتج‬
    ‫صفحة الغلاف يشير إلى غلبة العادات والتقاليد‬              ‫خطابات واصفة لها ُت ْع َر ُف بمضامينها وأشكالها‬
                                                                 ‫وأجناسها»(‪ ،)23‬تتقدم وتبقى صفحة الغلاف‬
                    ‫وترسخها في أذهان الكثيرين‪.‬‬                 ‫الأمامية محافظة على الشكل التقليدي من حيث‬
 ‫ويحيل القسم السفلي من صفحة الغلاف إلى واحة‬                   ‫وجود اسم صاحب العمل مكتو ًبا في الأعلى بخط‬
‫معشبة (هضبة مرتفعة تتوسطها الشجيرات) تحيط‬
  ‫بها جداول المياه التي تشبه النبع الجاري‪ ،‬ويبقى‬           ‫أصغر من عنوان العمل نفسه‪ ،‬ومغاي ًرا له في اللون‪،‬‬
‫حضور المياه ونضج الشجيرات في الواحة المعشبة‪/‬‬                    ‫كما يتبع اسم الرواية «الوارفة» من أسفل على‬

   ‫الهضبة دلي ًل على التمسك بالأمل‪ ،‬فض ًل عنه أنه‬           ‫اليسار كلمة «رواية» التي تحيل إلى الجنس الأدبي‬
  ‫يشير إلى أن الأنثى السعودية ستحتل المكانة التي‬              ‫للعمل وتخصصه‪ ،‬بما يعني أنها عقد بين المبدع‬
  ‫تستحقها وتتربع في قلب المجتمع‪ ،‬كما تتربع هذه‬
   ‫الشجيرات في قلب اللوحة‪ ،‬وتتماهى العلاقة بين‬              ‫أو الناشر وبين القارئ‪ ،‬يتعهد فيه المبدع بالحفاظ‬
‫الأنثى في دلالاتها على الحياة‪ ،‬مع الشجيرات النابتة‬              ‫على معايير هذا الجنس ويحتكم إليه‪« :‬ويوجد‬
  ‫في الصحراء المترامية هي علاقة الحياة ذاتها التي‬
  ‫يحملها نمو الأشجار في الصحراء المترامية‪ ،‬وكما‬             ‫تحت العنوان الغلافي الخارجي ما يسمى بالعنوان‬
   ‫أن الشجيرات الخضراء وروافد الماء تمثلان لو ًنا‬             ‫التعييني أو ما يسمى أي ًضا بالعنوان التجنيسي‬
                                                                 ‫الذي يحدد جنس العمل الأدبي بمجموعة من‬
    ‫من التمرد والتحدي للبيئة الصحراوية؛ وهو ما‬
    ‫يعكس حالة التحدي مع التقاليد والأعراف التي‬             ‫التوصيفات النقدية التي تندرج ضمن نظرية الأدب‬
 ‫تحاول المرأة السعودية التمرد عليها وتجاوزها في‬               ‫مثل‪ :‬شعر‪ ،‬رواية»(‪ ،)24‬ويوجد في أسفل صفحة‬

               ‫سبيل إثبات جدارتها واستحقاقها‪.‬‬               ‫الغلاف شعار دار المدى التي قامت بنشر الرواية‪،‬‬
   ‫وتؤكد اللوحة الثالثة التي حملتها الطبعة الرابعة‬            ‫وهو ما يعني وجود الثالوث المعرفي الذي يحتاج‬
                                                              ‫إليه القارئ‪ ،‬اسم المبدع واسم العمل واسم الدار‬
      ‫أن المقصود بالوارفة صراحة المرأة السعودية‬            ‫التي قامت بنشره‪ ،‬وهو ما يعني أن صفحة العنوان‬
   ‫المتألقة الناضجة‪ ،‬وتبين أن الشجيرات الصغيرة‬
                                                                  ‫مستوفية كل البيانات المحرضة على القراءة‪.‬‬
      ‫الناضجة تشير إلى المرأة السعودية الصاعدة‬                    ‫وتبقى اللوحة الفنية القابعة في خلفية لوحة‬
 ‫الواعدة الناضجة التي تسعى للحصول على المكانة‬                  ‫الغلاف الأمامية محرضة وملغزة ومتماهية مع‬
 ‫اللائقة وتنتظر المنزلة المستحقة في المجتمع‪ ،‬وتظهر‬               ‫الشكل الخارجي للعنوان‪ ،‬وهي ما ُي ْط َل ُق عليه‬
 ‫في عنقها شجرة وارفة ملتفة الأغصان‪ ،‬وكذا المرأة‬                 ‫جميل حمداوي العنوان الأيقوني البصري(‪،)25‬‬
                                                              ‫وما يطلق عليه جيرار جينت في عتباته المناصات‬
      ‫السعودية وارفة ومتعددة المواهب والقدرات‪،‬‬                ‫ذات التمظهرات الأيقونية(‪ ،)26‬وهي التي‪« :‬تظه ُر‬
  ‫ولعل تداخل الشجرة الوارفة المثبتة في عنق المرأة‬           ‫في النص‪ /‬الكتاب‪ ،‬وبدقة أكثر في تصميم الغلاف‪،‬‬
                                                               ‫رسومات وصور فوتوغرافية وأشكال هندسية‬
      ‫الناضجة ورأسها‪ ،‬وظهور اللون الأزرق لون‬
  ‫السماء التي يتوسطها الهلال لهي دليل قويم على‬                                         ‫عادية أو بارزة»(‪.)27‬‬
   ‫المستقبل المُ َؤ َّم ِل الواعد الذي ينتظر الوارفة‪ ،‬وإن‬    ‫وتق َّس ُم اللوحة الأيقونية قسمة عادلة بين‪ :‬القسم‬
‫خذلتها الظروف كثي ًرا؛ فإن المستقبل سيحقق لها ما‬           ‫العلوي الذي يطل باللون البني الخفيف ويتكون من‬
  ‫تصبو إليه من الآمال‪ ،‬والوارفة‪ /‬المرأة السعودية‬           ‫رسوم بارزة غير واضحة؛ وكأنها تشير إلى الجبال‬
                                                            ‫التي تنتهي إليها الوديان أو تشير إلى جبال الرمال‬
    ‫تتمسك بالأمل الذي يظهر في اللوحة الثالثة من‬
 ‫خلال جمال الطبيعة المرسوم على وجهها ورأسها‪.‬‬                  ‫المتراكمة‪ ،‬ويبقى اللون البني الخفيف (البرتقالي‬
 ‫وتبدو الوارفة كما تظهر اللوحة الثالثة أنثى جميلة‬             ‫إلى حد ما) قريبًا من لون الرمال المعروفة باسم‬
 ‫وفاتنة وفائقة في أنوثتها وجمالها؛ ولكني مع ذلك‬              ‫النفود التي ترتفع كالجبال‪ ،‬وهي تشير إلى البيئة‬
   27   28   29   30   31   32   33   34   35   36   37