Page 29 - merit 45
P. 29

‫‪27‬‬  ‫إبداع ومبدعون‬

    ‫رؤى نقدية‬

 ‫ويكون التقدير‪ :‬هذه الوارفة المقهورة أو المعذبة أو‬       ‫وفي المستوى الصوتي تأتي خمسة الأصوات‬
   ‫المهمشة‪ ،‬ولعل حذف المسند إليه يحيل إلى غياب‬
    ‫المكانة اللائقة بالمرأة ويبين أن المرأة هي الحلقة‬    ‫مجهورة وهي‪ :‬الألف واللام والواو والألف والراء‬
  ‫الأضعف‪ /‬المسند‪ ،‬في مقابل سلطة الرجل الأقوى‬
    ‫الذي يمثل المسند إليه‪ ،‬وهو ما يعني أن الدلالة‬        ‫وصوتان مهموسان هما‪ :‬الفاء والتاء‪ ،‬كما جاءت‬
  ‫الإيجابية الظاهرة والمتوقعة في العنوان قد انقلبت‬
   ‫وتحولت إلى الدلالة السلبية الصرفة؛ فنحن أمام‬          ‫الأصوات كلها منفتحة لا مطبقة؛ وكأنها جهر‬
  ‫عنوان دراماتيكي مأسوي يش ُّف عن ك ِّم المثبطات‬
   ‫والمنغصات التي تواجه المرأة في سعيها إلى تأكيد‬        ‫بمكانة المرأة المؤملة وإعلان عن منزلتها المستحقة‪،‬‬
     ‫ذاتها‪ ،‬وهو ما يجعل العنوان مفار ًقا في دلالته‬
    ‫ويحيل إلى الصراع الدرامي بين حقيقة العنوان‬           ‫كما جاءت الأصوات مستفلة لا مستعلاة‪ ،‬ومعروف‬
   ‫والمؤمل منه؛ فالعنوان يحمل دلالة إيجابية مليئة‬
  ‫بالأمل والتفاؤل التي تصطدم التفاصيل السردية‬            ‫أن صفتي الانفتاح والاستفال تدلان على الضعف‪،‬‬

  ‫المليئة بالسلبية واليأس والتشاؤم؛ ويحكي الواقع‬         ‫وهو ما يتقاطع من الضعف بطلة الرواية‪/‬‬
 ‫المرير الذي يواجه البطلة‪ /‬د‪.‬الجوهرة في تضاعيف‬
                                                         ‫الأنثى الوارفة وهوانها‪ ،‬وعلى الرغم من مواهبها‬
    ‫السرد هذه المثبطات؛ وكأني بحالة من التماهي‬
  ‫والتقاطع من جانب‪ ،‬وحالة من التعارض والتقابل‬            ‫المتفردة وإمكاناتها المتفردة إلا أن إرادتها منقوصة‬
‫من الجانب الآخر بين ما يحمله العنوان من شفرات‬            ‫ومسلوبة‪ ،‬ويبقى اسم الوارفة دا ًّل على الرقة‬
 ‫وإشارات وبين ما تقوم به مجريات السرد من ف ِّك‬
 ‫هذه الشفرات والإشارات والإفصاح عنها‪ ،‬وهو ما‬             ‫والدعة والحكمة والعطف والحنان وكل الصفات‬
  ‫يعني أن العنوان وإن بدا في ظاهره إيجابيًّا ومليئًا‬
‫بالتفاؤل والبشارة إلا أنه في جوهره مليء بالصراع‬          ‫الأنثوية المستحبة‪ ،‬ويظهر التحليل المقطعي للعنوان‬

      ‫الذي يحيل إلى النكوص والاضطراب وفقدان‬              ‫غلبة المقاطع الصوتية المغلقة على المقاطع الصوتية‬
    ‫الثقة بالذات‪ ،‬ويتحول العنوان عن طريق هيمنة‬
     ‫الانزياحات والاستعارات من الدلالة الإيجابية‬         ‫المفتوحة على هذا النحو‪[ :‬ال‪ /‬ص ح ص (مقطع‬

       ‫المؤملة إلى الدلالة السلبية الواقعية في صراع‬      ‫صوتي متوسط مغلق) – وا‪ /‬ص ح ح (مقطع‬
 ‫دراماتيك ٍّي مأساوي بين الصورة الخيالية المتوقعة‬        ‫صوتي متوسط مفتوح) – ِر‪ /‬ص ح (مقطع صوتي‬
‫والمتوهمة وبين الصورة الحقيقية الفعلية والواقعية‪،‬‬
  ‫وهو ما يعني أن هذا العنوان مفارق‪ ،‬ويحتاج عند‬           ‫قصير مفتوح)– فه‪ /‬ص ح ص (مقطع صوتي‬

   ‫محاكمته سيميائيًّا إلى ف ِك شفراته والوقوف على‬        ‫متوسط مغلق]‪ ،‬وتبقى الغلبة للمقاطع المغلقة التي‬
   ‫الدلالة المخادعة التي يحيل إليها والوعي بالدلالة‬
  ‫العكسية التي تتضاد مع الوارفة‪ ،‬وهو ما يفرض‬             ‫يتكرر ورودها ست مرات‪ ،‬وتأتي المقاطع المفتوحة‬
  ‫على القارئ مسؤولية المعرفة؛ لكي يصل إلى الفهم‬
 ‫الأقرب الذي أرده المبدع‪« :‬يحاول المستقبل تشغيل‬          ‫مكررة في خمسة مواضع‪ ،‬ولعل غلبة المقاطع‬
    ‫الحلول التفسيرية الممكنة للعلامات المبثوثة كي‬
  ‫يعطيها التأويل‪ /‬التفسير الأقرب إلى ذلك التأويل‬         ‫المغلقة يتقاطع مع الحجب والتغييب والتواري‬

                            ‫الذي أرده البا ُّث»(‪.)18‬‬     ‫الذي تتعرض له الوارفة د‪.‬الجوهرة‪ ،‬وهو ما يشير‬
    ‫و َت ْب َقى الوارف ُة في المستوى الدلالي متماهية مع‬
 ‫البنى المعرفية السطحية والعميقة للمعنى المعجمي؛‬         ‫ضمنيًّا إلى تواري حضور المرأة السعودية وغياب‬
                                                         ‫دورها الفاعل في المجتمع في مقابل سطوة الحضور‬

                                                                                                                            ‫الذكوري وهيمنته‪.‬‬

                                                         ‫وفي المستوى الصرفي‪ :‬وارف على وزن فاعل‬

                                                         ‫والوارفة على وزن الفاعلة‪ ،‬إلا أن الوارفة الفاعلة‬

                                                         ‫سرعان ما تختفي من الهيمنة على الفعل لتصبح‬

                                                         ‫حبيسة الفعل نفسه ورهينته‪ ،‬وتصبح الدلالة‬

                                                         ‫الأقوى المفعولة لا الفاعلة‪.‬‬
                                                         ‫وفي المستوى التركيبي بعي ًدا عن الإعراب النَّ َم ِطي‬
                                                         ‫وتوجيهاته ال َح ْر ِفيَّ ِة لل َوا ِر َف ِة‪ ،‬يمك ُن النظر إلى الوارف ِة‬
                                                         ‫بنا ًء على أن الإعرا َب فر ُع المعنى على أنها صف ٌة‬
                                                         ‫أوويالبصطُّحلةتاقلدويا ُرر ُهف‪:‬ةبأالوُأ ْنالَثمؤىلافل ِةوار َف ِة‬  ‫لمُو ُصو ٍف محذو ٍف‪،‬‬
                                                                                                                            ‫أو ال َّش َج َر ِة الوارف ِة‬
                                                         ‫الوارف ِة‪ ،‬والوارفة الصفة مع موصوفها يحتلان‬

                                                         ‫موقع المسند ويعربان خب ًرا للمبتدأ‪ ،‬في مقابل‬
                                                         ‫حذف المسند إليه والذي يقدر باسم الإشارة هذه‪،‬‬
   24   25   26   27   28   29   30   31   32   33   34