Page 101 - merit 46 oct 2022
P. 101
99 إبداع ومبدعون
قصــة
ثم يشير في مكان آخر إلى أن رحلات السندباد قد -احمل اللعبة معك إلى عمق البحر ،وحين يظهر
الملاك اطلب منه ركوب ظهر الحوت ،ليظهر له
تعود إلى الشرود والنسيان .ويقدم رأ ًيا فيما بعد برهان المطر.
أن سندباد ربما لم يقم برحلات حقيقية .فلعله لم
أوشك على الانصراف ثانية ،فدعته إلى تجريب ذلك.
يسافر قط ،لعله لم يغادر بغداد أب ًدا ولم يشاهد نزلا إلى المياه الجائشة ،خاضا عمي ًقا دون وجل.
بح ًرا في حياته .لعله لم يسافر إلا في الحكايات. أعطاهما الحوت الأبيض الثقة بما يفعلان.
أو لعله مجرد صعلوك مسكين يسحب جسده وحين ركبا عليه ،انطلق بسرعة هائلة متجاو ًزا
الملاك الحارس ،الذي بدا حزينًا ومتألمًا هذه المرة.
المنهوك في أزقة بغداد ،أو ح َّمال ينوء تحت ثقل وصلا على ظهر الحوت إلى مطلع الشمس.
حمولته ،ويحلم بين الفينة والأخرى أن يعيش حياة فأضيئت ذاكرة (بلا اسم) وتلاشت منها خلايا
ألزهايمر الإسفنجية ،ورأى بجلاء أن من تركب
المغامرات.
ليس هذا احتما ًل مجانيًّا! فالسندباد هو نفسه ،وهو معه هي زوجته ،ولم يمانع حين رآها تخرج سكينة
شخص آخر .تستند هويته إلى غيرية غير محددة، المطبخ لتمزق بها جسد اللعبة المنفوخ.
وليست الغاية من محنه إجما ًل سوى البحث -2تأويل ذاتي للكاتب
المضني عن الاسم المفقود ،والمال المضيَّع والكينونة يشير “عبد الفتاح كيطليو” في كتابه “العين
المبددة. والإبرة” أن السندباد رجل النسيان ،ولكونه
بالذات ينسى ،فإنه يغادر بغداد مسقط رأسه
لع ّل سندباد القديم هو (بلا اسم) في هذه الحكاية مقتح ًما عالم المغامرة .صحيح أن سفرته الأولى
تمت بدافع الرغبة في الاغتناء ،إلا أن أسفاره الستة
،لكنه في رحلات (الاكتشاف ،محاولات الانتحار) الباقية تستجيب لدافع آخر هو الفضول والرغبة في
لم يجد سوى هوية عائلته السورية الضائعة :أكوام الجديد.
عظام في قاع البحر الأمومي.
والذي يريد هو الآخر تقليص حمولته من الدموع،
تلك المياه المالحة ،أو تلك الأجساد المهاجرة ،أو
الأجساد المنتحرة.