Page 147 - merit 46 oct 2022
P. 147

‫‪145‬‬       ‫تجديد الخطاب‬

‫جمال عمر‬  ‫الشيخ محمد عبده‬         ‫أمين الخولي‬                                ‫صادق الرافعي (‪-1880‬‬
                                                                            ‫‪1937‬م)‪“ :‬ضعف القدرة‬
   ‫الطريق الذي سلكه إلا محاولة‬         ‫بعضهم يعدل بالقرآن بعض‬        ‫الإنسانية في محاولة المعجزة على‬
   ‫الرد على الخصوم‪ ،‬و”شاكر”‬        ‫الأشعار ويوازن بينه وبين غيره‬        ‫شدة الإنسان واتصال عنايته‪،‬‬
  ‫هنا ينطلق من منطلق أن الشعر‬       ‫من الكلام بل ويفضله عليه كما‬         ‫ثم استمرار هذا الضعف على‬
                                                                          ‫تراخي الزمن وتقدمه‪ ،‬فكان‬
      ‫الجاهلي صورة للغة العرب‬             ‫ذكر هو في مقدمة كتابه‪.‬‬     ‫العالم كله في العجز إنسان واحد”‬
  ‫قبل الإسلام‪ ،‬وكلما جاءت هذه‬       ‫وظاهر من كلامه أن كتابه جاء‬       ‫(إعجاز القرآن والبلاغة النبوية ‪،‬‬
 ‫الصورة متقنة كلما كان التحدي‬       ‫رد فعل على قوم فضلوا أشعار‬             ‫مصطفى صادق الرافعى)‪.‬‬
                                                                       ‫وقد ظهرت آراء في مطلع القرن‬
    ‫لها أبلغ ‪-‬كما سيأتي بيانه‪.-‬‬        ‫العرب على القرآن‪ ،‬مما جعل‬       ‫الثالث للهجرة تتكلم عن قضية‬
  ‫ثم جاء إمام البلاغة عبد القاهر‬     ‫الإمام الباقلاني مشغو ًل بالرد‬    ‫إعجاز القرآن‪ ،‬تتحدث عن كون‬
                                     ‫عليهم من خلال إظهار النقص‬         ‫القرآن ليس معج ًزا في ذاته‪ ،‬بل‬
     ‫الجرجاني (‪471 -400‬هـ)‬            ‫والعيب في أشعار العرب أو ًل‬       ‫الإعجاز هو صرف العرب عن‬
‫بكتابيه (دلائل الإعجاز) و(أسرار‬       ‫‪-‬واختار لذلك قصيدة لامرئ‬        ‫معارضته مع قدرتهم عليه‪ ،‬فهذا‬
                                  ‫القيس‪ ،-‬ثم افتتح فص ًل يبين فيه‬      ‫إبراهيم الن َّظام (‪221 -160‬هـ)‬
   ‫البلاغة)‪ ،‬وعبد القاهر هو أول‬      ‫بديع النظم القرآني وخلوه من‬       ‫شيخ المعتزلة في زمانه وأستاذ‬
     ‫من شرح وأسس لـ»نظرية‬         ‫كل عيب وتفوقه على كلام العرب‪.‬‬        ‫الجاحظ‪ ،‬زعم أن الله قد صرف‬
     ‫النظم” وإن لم يكن أول من‬     ‫وقد انتقد الأستاذ محمود محمد‬             ‫العرب عن معارضة القرآن‬
                                   ‫شاكر في تقدمته لكتاب «الظاهرة‬         ‫مع قدرتهم عليه‪ ،‬فكانت هذه‬
   ‫قال بها‪ :‬ويري عبد القاهر أن‬      ‫القرآنية” هذا المسلك من الامام‬    ‫الصرفة هي المعجزة‪ ،‬فلا إعجاز‬
    ‫اللفظة المفردة تكتسب مزيتها‬       ‫الباقلاني ‪-‬مع اعترافه بعظيم‬      ‫بياني للقرآن –عنده‪ -‬بل إعجاز‬
  ‫من انتظامها مع مفردات أخرى‬       ‫فضله وسبقه في هذا المضمار‪،-‬‬             ‫القرآن في إخباره بكل غيب‬
 ‫في جمل أو عبارات‪ ،‬وهنا يتلاءم‬        ‫فقد اعتبر «شاكر» أنه لم تكن‬       ‫مضي وكل غيب سيأتي‪ ،‬وقد‬
    ‫معناها مع غيرها من الألفاظ‬      ‫بالباقلاني حاجة إلى سلوك هذا‬       ‫انتصب لمعارضته صاحبه وابن‬
     ‫المرتبطة معها في سلك واحد‬                                        ‫مذهبه أبو عثمان عمرو بن بحر‬
  ‫بحيث تنسجم مع ما قبلها وما‬                                           ‫الجاحظ (‪255 -159‬هـ) فألَّف‬
    ‫بعدها لتأدية المعني‪ ،‬وقد بني‬                                        ‫كتابه «نظم القرآن” للرد عليه‪،‬‬
                                                                        ‫وإثبات أن القرآن في ذاته غاية‬
                                                                        ‫في البلاغة التي أعجزت العرب‬
                                                                      ‫عن الإتيان بمثله‪ ،‬ومن مقولاته‪:‬‬
                                                                     ‫«فلو أن مشركي العرب استطاعوا‬
                                                                       ‫المعارضة بالحروف لما اختاروا‬

                                                                                 ‫المقارعة بالسيوف»‪.‬‬
                                                                     ‫ثم جاء أبو بكر الباقلاني (‪-338‬‬

                                                                            ‫‪403‬هـ) وألف في «إعجاز‬
                                                                         ‫القرآن” لـ”الرد على الملحدين‬
                                                                      ‫في أصول الدين وتشكيكهم أهل‬
                                                                      ‫الضعف في كل يقين‪ ،‬حتى جعل‬
   142   143   144   145   146   147   148   149   150   151   152