Page 148 - merit 46 oct 2022
P. 148

‫طه حسين‬                                      ‫انتقاد مالك بن نبي لحصر الإعجاز‬
                                                    ‫القرآني في البلاغة البيانية‬

                                         ‫واعتمادها على الموازنة بينها وبين‬
                                             ‫الشعر الجاهلي مبني على أساس‬

                                          ‫أننا لم نعد نملك في أذواقنا عبقرية‬
                                        ‫اللغة العربية بحيث يمكننا أن نوازن‬

                                          ‫بين نصوص القرآن ونصوص الشعر‬
                                               ‫الجاهلي لنستنبط موازنة أدبية‬

                                         ‫تقودنا إلى نتيجة عادلة حكيمة‪ .‬وقد‬
                                        ‫انتقد محمود محمد شاكر تناول كتاب‬
                                         ‫الظاهرة القرآنية باعتباره دراسة في‬

                                                   ‫الإعجاز القرآني من الأساس‪.‬‬

 ‫الثاني صفة للأول‪ ،‬أو تأكي ًدا له‪،‬‬        ‫يقول‪« :‬واعلم أنك إذا رجعت إلى‬            ‫نظريته تلك على أركان أربعة‬
  ‫أو بد ًل منه‪ ،‬أو تجيء باسم بعد‬            ‫نفسك علمت عل ًما لا يعترضه‬        ‫وهي بالتَّرتيب‪ :‬التقديم والتأخير‪،‬‬
  ‫تمام كلامك على أن يكون صفة‬                ‫الشك‪ ،‬أن لا نظم في الكلم ولا‬
  ‫أو حا ًل أو تميي ًزا‪ ،‬أو تتو َّخي في‬                                            ‫والحذف‪ ،‬والفروق‪ ،‬والفصل‬
 ‫كلام هو لإثبات معني‪ ،‬أن يصير‬           ‫ترتيب‪ ،‬حتى يعلق بعضها ببعض‪،‬‬               ‫والوصل‪ ،‬وتمثل هذه الأركان‬
‫نفيًا أو استفها ًما أو تمنِّيًا‪ ،‬فتدخل‬  ‫ويبني بعضها على بعض‪ ،‬وتجعل‬                ‫مراحل إنشاء الكلام لإيصال‬
‫عليه الحروف الموضوعة لذلك‪ ،‬أو‬                                                    ‫المعني إلى المتلقي‪ ،‬فالكلام يبدأ‬
 ‫تريد في فعلين أن تجعل أحدهما‬               ‫هذه بسبب من تلك‪ ،‬هذا ما لا‬          ‫في الذهن فيق ِّدم المتكلم أو يؤخر‬
‫شر ًطا في الآخر‪ ،‬فتجيء بهما بعد‬           ‫يجهله عاقل ولا يخفي على أحد‬           ‫في الجملة الواحدة ليكون المعني‬
 ‫الحرف الموضوع لهذا المعني‪ ،‬أو‬            ‫من الناس‪ ،‬وإذا كان كذلك‪ ،‬فبنا‬         ‫أكثر وضو ًحا‪ ،‬ثم يقوم بتعديل‬
‫بعد اسم من الأسماء التي ض َّمنت‬          ‫أن ننظر إلى التَّعليق فيها والبناء‪،‬‬      ‫بنية الجملة من خلال الحذف‬
                                                                                ‫ليكون الكلام أبلغ وأجمل‪ ،‬وهو‬
    ‫معني ذلك الحرف‪ ،‬وعلي هذا‬                  ‫وجعل الواحدة منها بسبب‬            ‫في ذلك يختار إما جملة إنشائية‬
                      ‫القياس”‪.‬‬               ‫من صاحبتها‪ ،‬ما معناه وما‬         ‫أو خبرية «الفروق» فيختار الخبر‬
                                           ‫محصوله؟ وإذا نظرنا في ذلك‪،‬‬         ‫الأنسب والأوفق للمعني المراد‪ ،‬ثم‬
   ‫وكتاب دلائل الإعجاز إنما هو‬           ‫علمنا أن لا محصول لها غير أن‬         ‫تأتي المرحلة الأخيرة وهي مرحلة‬
    ‫شرح وتفصيل وضرب أمثلة‬                ‫تعمد إلى اسم فتجعله فاع ًل لفعل‬        ‫الفصل والوصل‪ ،‬لا بين الجمل‬
   ‫على هذه السطور السابقة‪ ،‬فقد‬             ‫أو مفعو ًل‪ ،‬أو تعمد إلى اسمين‬          ‫وبعضها فقط بل بين الكلمات‬
  ‫قام عبد القاهر باستقراء كل ما‬           ‫فتجعل أحدهما خب ًرا عن الآخر‪،‬‬
   ‫كان معروفا –قبله‪ -‬من وجوه‬            ‫أو تتبع الاسم اس ًما على أن يكون‬                 ‫داخل الجملة الواحدة‪.‬‬
 ‫أو دلائل تصلح أن تكون موضع‬
 ‫«الإعجاز”‪ ،‬وناقشه وع َّقب عليه‪،‬‬
‫فبدأ بالكلمة المفردة في القرآن‪ :‬هل‬
   143   144   145   146   147   148   149   150   151   152   153