Page 151 - merit 46 oct 2022
P. 151

‫‪149‬‬                  ‫تجديد الخطاب‬

                                                                              ‫شاكر ‪-‬رحمه الله‪ -‬تناول‬
                                                                         ‫كتاب الظاهرة القرآنية باعتباره‬
                                                                        ‫دراسة في «الإعجاز القرآني” من‬
                                                                          ‫الأساس‪ ،‬وحاول شاكر وضع‬
                                                                        ‫كتاب «الظاهرة القرآنية» في إطار‬
                                                                          ‫البحث في قضية «إثبات النبوة‬
                                                                         ‫وصدق الوحي»‪ ،‬بمعني البحث‬
                                                                         ‫في المصدر الإلهي للقرأن الكريم‬

                                                                                 ‫وليس «إعجاز القرآن»‪.‬‬

                                                                        ‫“إعجاز القرآن” عند‬
                                                                           ‫محمود شاكر‬

‫ديڤيد صمويل مرجليوث‬  ‫شكري عياد‬                      ‫طه جابر العلواني‬        ‫تناول الأستاذ محمود محمد‬
                                                                              ‫شاكر (‪ )1997 -1909‬في‬
‫للبشرية جمي ًعا ثم للإنس والجن‬          ‫في بدايات الوحي الكريم‪ ،‬فإذا‬
‫مجتمعين أن يأتوا بشيء من مثل‬           ‫هم آمنوا به ‪-‬لتيقنهم أنه كلام‬     ‫مقدمة طويلة مفهوم‪“ :‬الإعجاز”‬
                                                                             ‫و”الشعر الجاهلي” وما أُثير‬
   ‫هذا القرآن كان تح ِّديا باعتبار‬        ‫رب العالمين‪ -‬كانوا مطالبين‬
 ‫نظمه المفارق لكلام البشر وليس‬       ‫بالإيمان بكل ما مضي من أخبار‬       ‫حوله وعلاقته بـ”إعجاز القرآن”‬
 ‫باعتبار ما فيه من مكنون الغيب‬                                                              ‫وخلاصته‪:‬‬
  ‫ودقائق التشريع وعجائب آيات‬           ‫الأمم السابقة ودقائق التشريع‬
 ‫الله في خلقه‪ ،‬كل ذلك بمعزل عن‬       ‫وعجائب الدلالات وغيرها‪ ،‬أي أن‬        ‫أن الروع الذي أصاب الرسول‬
‫هذه التحدي المفضي إلى الإعجاز‪.‬‬                                             ‫الكريم في بداية الوحي «اقرأ”‬
 ‫ثم أشار إلى أنه لا يكون للتحدي‬        ‫إقرارهم من وجه النظم والبيان‬       ‫كان راج ًعا إلى مباينة هذا الذي‬
 ‫معني إلا أن تجتمع لهؤلاء الذين‬          ‫أن هذا القرآن كلام الله دليل‬    ‫سمعه الذي كان يسمع من كلام‬
‫نزل فيهم القرآن وللغتهم صفات‬                                                 ‫قومه والذي يعرفه من كلام‬
‫بعينها‪ ،‬منها‪ :‬أن تكون اللغة التي‬      ‫يطالبهم بالإقرار بصحة ما جاء‬
‫نزل بها القرآن محت ِمل ًة هذا القدر‬  ‫فيه‪ ،‬وأن صحة ما جاء فيه ليست‬                                ‫نفسه‪.‬‬
 ‫الهائل من التفاوت بين كلام الله‬     ‫هي الدليل الذي يطالبهم بالإقرار‬         ‫أن النبي حين دعا قومه إلى‬
                                                                         ‫الإيمان بهذا الوحي الذي يتلوه‪،‬‬
   ‫وكلام البشر‪ ،‬وأن يكون أهلها‬           ‫بأن نظم القرآن وبيانه مباي ٌن‬     ‫لم يكن لديه من حجة أو دليل‬
   ‫قادرين على إدراك هذا الحاجز‬                  ‫لنظم البشر وبيانهم‪.‬‬       ‫سوى هذا الذي يتلوه عليهم‪ ،‬إذ‬
                                                                        ‫إنه ذاته أصدق دليل على أنه ليس‬
     ‫الفاصل بين الكلامين‪ ،‬وهذا‬       ‫وتح ُّير العرب في شأن هذا القرآن‬   ‫من كلامه ولا من كلام سواه من‬
    ‫يقودنا إلى دراسة ما بقي من‬         ‫وعجزهم عن مجاراته ‪-‬للوهلة‬
 ‫كلام هؤلاء باعتباره شاه ًدا على‬       ‫الأولي‪ -‬وتسليمهم بجلاله (كما‬                             ‫البشر‪.‬‬
 ‫بلوغ لغتهم غاية التمام والكلام‬         ‫في قول الوليد بن المغيرة) كان‬      ‫أن وجه إعجاز القرآن كان من‬
 ‫والاستواء‪ ،‬فهل بقي من كلامهم‬            ‫لما يسمعونه من نظمه وبيانه‬     ‫حيث «البيان والنظم” لا من حيث‬
                                       ‫لا لشيء آخر تناوله القرآن في‬      ‫الإخبار عن الأمم السابقة وأنباء‬
                                                            ‫محتواه‪.‬‬     ‫الغيب ودقائق التشريع‪ ،‬أو إتيانه‬
                                           ‫أن تحدي القرآن للعرب ثم‬        ‫بالعجائب التي لا يعرفها البشر‬
                                                                            ‫من أسرار الكون‪ ،‬فكل هذا لم‬
                                                                         ‫يكن مما ُووجه به العربي الأول‬
   146   147   148   149   150   151   152   153   154   155   156