Page 154 - merit 46 oct 2022
P. 154

‫العـدد ‪46‬‬                                      ‫‪152‬‬

                                     ‫أكتوبر ‪٢٠٢2‬‬                                ‫وترتيبه وناسخه ومنسوخه‪،‬‬
                                                                              ‫(وهو ما نسميه‪ :‬علوم القرآن)‪،‬‬
  ‫‪ -3‬النظ ُر في المركبات أي النظر‬      ‫والتطورات الدلالية التي مر بها‬
    ‫في تركيب ال ُجملة كاملة‪ ،‬وهنا‬       ‫اللفظ‪ ،‬فقد‪« :‬تداولت هذه اللغة‬            ‫وأما الدراسة العامة فهي ما‬
    ‫يؤكد الخولي ضرورة المفسر‬         ‫العربية أفواه أم ٍم مختلفة الألوان‬        ‫يتصل بالبيئة المادية والمعنوية‬
                                                                                ‫التي ظهر فيها القرآن وعاش‪،‬‬
  ‫الأدبي للجوء إلى العلوم الأدبية‬         ‫والدماء والماضي والحاضر‬              ‫وفيها جمع وفيها قرئ وحفظ‪،‬‬
‫من نحو وبلاغة‪ ..‬إلخ‪ ،‬لكن لا على‬           ‫فتهيَّأت ِمن ك ِّل ذلك خطوا ٌت‬       ‫وخاطب أهلها أول َمن خاطب‪،‬‬
‫أن الصنعة النحوية عمل مقصود‬          ‫تدريجية فسيحة متباعدة في حياة‬              ‫وإليهم ألقي رسالته لينهضوا‬
‫لذاته‪ ،‬ولا لون يل ِّون التفسير كما‬     ‫ألفاظ اللغة العربية حتى أصبح‬          ‫بأدائها وابلاغها‪ ..‬فكل ما يتصل‬
‫كان الحال قدي ًما‪ ،‬بل على أنها أداة‬   ‫ِمن الخطأ المبين أن يع َم َد متأ ِّدب‬     ‫بتلك الحياة المادية العربية أو‬
 ‫من أدوات بيان المعني وتحديده‪،‬‬            ‫إلى فهم ألفاظ النَّص القرآني‬          ‫ما يتصل بالبيئة المعنوية لهذا‬
‫فتكون النظرة البلاغية هي النظرة‬           ‫الأدبي الجليل فه ًما لا يقوم‬       ‫المجتمع من تاريخ وعقائد ونظام‬
 ‫الأدبية الفنية التي تتمثل الجمال‬        ‫على التقدير التَّام لهذا التد ُّرج‬   ‫قبلي وغير ذلك من أنماط الحياة‬
                                       ‫والتغير الذي م َّس حياة الألفاظ‬        ‫إنما هي وسائ ُل ضرورية لفهم‬
     ‫القولي في الأسلوب القرآني‪،‬‬           ‫ودلالاتها”‪ ،‬ويعترف الخولي‬           ‫هذا القرآن العربي المبين‪ .‬وعلي‬
   ‫وتستبين معارف هذا الجمال‪،‬‬            ‫بصعوبة هذه المهمة في زماننا‪،‬‬            ‫حد تعبيره رحمه الله‪« :‬ما إن‬
  ‫وتستجلي قسماته‪ ،‬لمعرفة فنون‬          ‫نظ ًرا لأن ما لدينا من معاجم لا‬        ‫نذكر الحجر والأحقاف والأيكة‬
 ‫القول القرآني وموضوعاته فنًّا‪،‬‬        ‫يسعفنا في تحقيق تدرج الألفاظ‬            ‫ومدين ومواطن ثمود ومنازل‬
                                                                                ‫عاد‪ ،‬ونحن لا نعرف عن هذه‬
       ‫فنًّا‪ ،‬وموضو ًعا موضو ًعا‪.‬‬                  ‫وتطور مدلولاتها‪.‬‬
      ‫‪ – 4‬التفسير النفسي المبني‬       ‫‪ -2‬أن يح ِّدد الاستعمال القرآني‬               ‫الأماكن إلا تلك الإشارات‬
     ‫على الإدراك البلاغي‪ :‬لأن ما‬                                             ‫الشاردة‪ ،‬فما ينبغي أن نقول إننا‬
   ‫استقر من تقدير صلة البلاغة‬              ‫للَّفظة بعد أن ح َّدد أطوارها‬     ‫فهمنا وصف القرآن لها ولأهلها‪،‬‬
      ‫بعلم النفس قد م َّهد السبيل‬    ‫الزمنية وتطوراتها ال ِّدلالية‪ ،‬فتتبع‬
 ‫بالقول بالإعجاز النفسي للقرآن‬       ‫ورودها في القرآن الكريم هل أت َّم‬         ‫أو أننا أدركنا مراد القرآن من‬
 ‫الكريم ‪-‬على حد تعبير الخولي‪-‬‬        ‫استعمالها بمعني واحد‪ ،‬أ ْم بمعان‬                 ‫الحديث عنها وعنهم”‪.‬‬
     ‫فالتفسير النفسي يقوم على‬        ‫متع ّددة أو متغايرة؟ فإذا فرغ من‬
‫أساس وطيد من صلة الفن القولي‬         ‫ذلك استطاع أن يفسر بها مطمئنًا‬             ‫ب‪ -‬صنف يتناول دراسة في‬
   ‫بالنفس الإنسانية‪ ،‬لأن الفنون‬                                                  ‫القرآن الكريم‪ :‬وهو ما يمثِّل‬
‫على اختلافها ‪-‬ومن بينها الأدب‪-‬‬         ‫إلى معناها الحقيقي الذي وصل‬              ‫الجزء الكبير في ملامح المنهج‬
‫ليست إلا ترجمة لما تجده النفس‪،‬‬        ‫إليه من خلال دورانها في القرآن‬
                                                                                                  ‫الأدبي في‬
                                                             ‫الكريم‪.‬‬                           ‫التفسير وهو‬
                                                                                              ‫دراس ُة القرآن‬
                                                                                              ‫نفسه‪ ،‬ويمكن‬

                                                                                                 ‫تمييزها في‬
                                                                                               ‫أربعة مراحل‬
                                                                                              ‫ذكرها الخولي‬

                                                                                                  ‫في ورقته‬
                                                                                                ‫المشار إليها‪:‬‬
                                                                                                ‫‪ -1‬النظر في‬
                                                                                             ‫المفردات وتتبع‬
                                                                                             ‫المراحل الزمنية‬
   149   150   151   152   153   154   155   156   157   158   159