Page 186 - merit 46 oct 2022
P. 186

‫‪184‬‬

 ‫ولا إخفاقهم فيما يعتزمون‪،‬‬
  ‫إنما أقصد خيبة أم ٍل كبرى‬

      ‫تقضي على ك ِّل شي ٍء‪..‬‬
     ‫على الحياة برمتها‪ ،‬أنت‬
    ‫لا تعرفها حت ًما‪ ،‬لكني لا‬
   ‫أنكر أنني عشت معها منذ‬
    ‫شبابي‪ ،‬فجعلتني وحي ًدا‬
     ‫تعي ًسا وغريب الأطوار‪،‬‬
  ‫كيف تستطيع يا سيِّدي أن‬
   ‫تفهمني؟ لكنك ربما فعلت‬
    ‫إذا سمحت لي أن أرجوك‬
   ‫الإصغاء إل َّي دقيقتين‪ ،‬ذلك‬
     ‫لأن إمكان سردها يعني‬
    ‫سرعته أي ًضا‪ ،‬دعني أو ًل‬
    ‫أذكر أننا نموت في مدينة‬
     ‫صغيرة‪ ،‬وفي بيت كاهن‬
‫سيطر على أرجائه النقية ج ًّدا‬
  ‫تفاؤل مدرسي شجوي من‬
‫الطراز القديم‪ ،‬لم يتنفس المرء‬
   ‫فيه إلا ج ًّوا متفر ًدا خا ًّصا‬
   ‫صنعه وعظ المنابر على مر‬
    ‫العصور‪ ،‬من تلك الجمل‬
  ‫الكبيرة حول الخير والشر‪،‬‬
  ‫الجمال والقبح‪ ،‬هذه الجمل‬
‫الَّتي أكرهها لأنها ربما كانت‬
   ‫هي وحدها السبب في كل‬
    ‫ما عانيت‪ ..‬تكونت الحياة‬
 ‫بالنسبة لي من مجرد كلمات‬
 ‫كبيرة لأنني لم أعرف شيئًا‬
   ‫منها سوى ما أعادت تلك‬
    ‫الكلمات ترديده في داخلي‬
 ‫من هواجس مفزعة وتافهة‪،‬‬
 ‫توقعت من البشر إما الخير‬
   ‫الإلهي أو الشر الشيطاني‬
  ‫الرهيب‪ ،‬توقعت من الحياة‬
     ‫الجميل الفاتن أو القبيح‬
    ‫الشنيع‪ ،‬ملأتني رغبة في‬
     ‫ذلك كله‪ ،‬قبعت جنبًا إلى‬
     ‫جنب مع شوقي العميق‬
   181   182   183   184   185   186   187   188   189   190   191