Page 272 - merit 46 oct 2022
P. 272

‫المستقبل‪.‬‬    ‫هي نصوص لا تتحرج من تناول بعض‬
         ‫تحتضن الغير بعي ًدا عن‬      ‫النبيذ الأحمر‪ ،‬ولا من السماح للعقل‬
‫التموقعات الأيديولوجية والأحكام‬     ‫أن ُي َط ّهَر من خلال زوال العقل‪ .‬هي‬
    ‫المسبقة على المظاهر والأعراق‬     ‫نصوص تداعب المجاز حتى تطوعه‪،‬‬
‫والأنساب‪ .‬بل هي تنظر إلى الآخر‬      ‫بيوتها بلا أبواب‪ ،‬فيها نوافذ فقط‪.‬‬
      ‫على أنه فرصة للثراء وليس‬
‫إمكانية واردة للعدوان على الذات‪.‬‬   ‫الأبواب في عرفها لا تصلح إلا للقوادين‬
     ‫نصوص تقتل الكتاب الذين‬           ‫والساسة والعواهر وتجار الدين‬
 ‫يروقونها‪ ،‬ولا تشعل السيجارة‪،‬‬
‫بل تتأملها جي ًدا‪ ،‬ثم تخترقها لكي‬    ‫وخونة الأوطان‪ .‬يدخلها أيضا أعداء‬
    ‫تعرف سر احتراقها ومكنون‬        ‫الأدب القدامى‪ :‬الخدم والعسكر والزوار‬
    ‫نكهتنا‪ .‬هي تأكل من خشاش‬
‫الأرض‪ .‬الشوكة والسكين عادتان‬             ‫الرسميون وحاملو الفواتير‪.‬‬
    ‫سيئتان بالنسبة للكتب المعول‬
 ‫عليها‪ .‬هي تتذوق كل شيء‪ ..‬ولا‬         ‫صحت النسبة) ثانيًا‪ ،‬وهذا ما‬       ‫والساسة والعواهر وتجار الدين‬
  ‫تغفل عن مذاقات الصدأ والتلف‬        ‫يضع مسافة هامة بين طريقتي‬            ‫وخونة الأوطان‪ .‬يدخلها أيضا‬
    ‫والعفن والاهتراء‪ ..‬هكذا فقط‬     ‫في تناول الشأن الجنسي والنظر‬             ‫أعداء الأدب القدامى‪ :‬الخدم‬
    ‫يمكنها أن تتحدث عن الزهور‬                                              ‫والعسكر والزوار الرسميون‬
                                           ‫المتخفف من كل حرج إلى‬                      ‫وحاملو الفواتير‪.‬‬
                  ‫وهي تتضوع‪.‬‬       ‫العلاقات بين الرجل والمرأة داخل‬
‫في كتبي السطور واعية بما يحدث‬                                          ‫هي نصوص تكره الحكمة المنبرية‬
                                      ‫غرف نصوصي‪ .‬في حين كثير‬           ‫الرخيصة الملقاة في الطريق‪ ،‬وتمج‬
 ‫تحت أقدامها‪ ،‬هي ترسل عيونها‬       ‫من القراء هو وليد زمن «الصحوة‬       ‫العناوين الصاخبة‪ ،‬هي في الواقع‬
   ‫وقدميها إلى البراري السحيقة‪،‬‬
  ‫وتسهر كثي ًرا‪ ،‬ولا تهمها سلامة‬       ‫الإسلامية» المدعاة‪ ،‬وهو واقع‬         ‫نصوص منغرزة في الترابي‬
‫عينيها (حسن البصر من علامات‬           ‫تحت الرؤية «الطهرانية» لبقايا‬         ‫واليومي والبشري في أبسط‬
    ‫سوء البصيرة‪ ..‬في النصوص‬           ‫قديمة لمسيحية فارغة من روح‬          ‫تجلياته وتجلياته؛ تميل صوب‬
                                    ‫المسيح تنتشر في أميركا خاصة‪،‬‬        ‫أن تركب العرضي وهي تفكر في‬
                         ‫طب ًعا)‪.‬‬     ‫وهي اتجاه خطير مليء بالنفاق‬
‫الكتابة عندي عنف جميل وفظاظة‬         ‫الخطابي‪ .‬في نصوصي «البظر»‬                              ‫الجوهري‪.‬‬
‫وجرأة تدخل الصالونات وتخالط‬            ‫ليس مكا ًنا للشهوة الجنسية‪،‬‬        ‫كثي ًرا ما تم لومي على تساهلي‬
                                    ‫بل هو زاوية نظر‪ ،‬ونافذة لطيفة‬        ‫في الحديث عن الشأن الجنسي‪.‬‬
     ‫المجتمع الراقي بلا حرج ولا‬      ‫لإطلالات فصيحة ومدهشة على‬
‫تحفظ‪ .‬الكتابة في عرف نصوصي‬           ‫تاريخ البشرية وملامح مختلف‬              ‫أوك‪ .‬سنتفق‪ ..‬أظن نظرتي‬
 ‫ليست فرصة يتم اغتنامها بنص‬                                                ‫للأمر تنتمي إلى زمن متحرر‬
                                                        ‫المجتمعات‪.‬‬     ‫جنسيًّا بعض الشيء‪ ،‬زمن عربي‬
  ‫ناجح‪ ،‬بل هي مسار نتوغل فيه‬           ‫نصوص تعتبر الذاكرة شر ًطا‬            ‫إسلامي تراثي أو ًل‪ ،‬ثم زمن‬
 ‫بالمحبة والسماحة والانتباه حتى‬      ‫حيو ًّيا للذهاب السليم الآمن إلى‬   ‫أوروبي نهضوي أو أنواري (إن‬
 ‫يصبح ردود فعل «طبيعية» فينا‪،‬‬
 ‫ننام ملء جفوننا عن شواردها‪..‬‬
  ‫ويسهر القوم جراها ويتلذذون‪.‬‬
‫هكذا هي نصوصي ورواياتي‪ ..‬أو‬

                  ‫هذا ما أعتقده‬
   267   268   269   270   271   272   273   274   275   276   277