Page 269 - merit 46 oct 2022
P. 269

‫‪267‬‬  ‫ثقافات وفنون‬

     ‫رؤية ذاتية‬

     ‫نصوص ضد تيار‬

     ‫الأدب الرسمي‬
                                                 ‫فيصل الأحمر‬
                                                            ‫(الجزائر)‬

                  ‫المريحة للدين‪.‬‬         ‫بالحكايات القديمة التافهة‪،‬‬             ‫مدهشة‪ ،‬غريبة‪،‬‬              ‫«رواياتك‬
‫تبحث نصوصي عن أثر لها يشبه‬               ‫وبالكلمات التي لم تعد قيد‬            ‫مستفزة‪ ..‬ومربكة‬

 ‫أثر الريح‪ ،‬صاخب مدمر وفارغ‬                            ‫الاستعمال‪.‬‬                      ‫أحيانا‪»..‬‬
          ‫من كل وعد بالامتلاء‪.‬‬        ‫في نصوصي هشاشة المسافر‬               ‫قيلت هذه الملاحظة لي‬
                                       ‫ورشاقته‪ ،‬الفتى القديم الذي‬         ‫وفي حقي مرا ًرا‪ ،‬سواء‬
   ‫هي لا تهتم بإعلان مواضيعها‬         ‫يسكنني‪ ،‬والذي قضى العشر‬            ‫أقيلت ُمجملة أم ُمج َّزأة‪.‬‬
   ‫كعناوين أو أعلام سافرة؛ فقد‬     ‫سنوات التي تحدد كل ما سيأتي‬
                                                                             ‫في أحيان كثيرة بدا‬
     ‫تعلم ْت باك ًرا بأن النصوص‬          ‫بعدها بين البحر في جيجل‬             ‫لي أنها قيلت ببراءة‬
     ‫العظيمة لا مواضيع محددة‬        ‫الصيفية؛ حيث بيت الجد‪ ،‬وبين‬            ‫الاعتراف‪ ،‬وكثي ًرا ج ًّدا‬
       ‫لها‪ ..‬حالها في الواقع حال‬                                         ‫ما قيلت مصحوبة برنة الإعجاب‬
 ‫النصوص التي تقف على حواف‬              ‫«الصحراء» حيث عمل الوالد‬            ‫وابتسامة الاستحسان‪ ،‬ولكنه‬
     ‫بيوت النساء غير الجميلات؛‬     ‫(والحقيقة أنها ليست صحراء إلا‬           ‫يحدث أن تقال كنوع من اللوم‬
    ‫نساء عليهن أن يتوددن أكثر‬                                             ‫أو النقد الذي يقصد الانتقاص‪.‬‬
   ‫من سواهن بكثير لكي يحظ ْين‬                     ‫تجاو ًزا وطيبة)‪..‬‬     ‫ومع إيماني بحق أي قارئ في أن‬
                                       ‫فيها الحفر في جيوب الذاكرة‬       ‫يستحسن او يستهجن ما يع ُّن له‪،‬‬
            ‫بالحب‪ ..‬أو بالقراءة‪.‬‬     ‫الغامضة‪ ،‬حيث تنزلق الكلمات‬          ‫كما يبدو له‪ ،‬فإنني قد استبطنت‬
  ‫نصوصي تتأوه دائ ًما من وجع‬         ‫ببساطة وتخطئ القصد‪ ،‬حيث‬            ‫قلي ًل مفك ًرا في المسألة وكتبت هذا‬
‫لذة مكتومة لظروف ثقافية‪ ،‬ظلت‬        ‫يسكن مساكين المعنى والصغار‬           ‫التوصيف لما أشعر به وأنا أكتب‬
                                     ‫الذين لا يجيدون الجلوس على‬             ‫رواياتي (بل إن الحكم يشمل‬
           ‫عالقة أكثر مما يجب‪.‬‬                                          ‫نصوصي كلها لا الروايات فقط)‪.‬‬
  ‫هي تشبه الخبز القديم‪ ،‬والمرق‬                    ‫عروش الكلمات‪.‬‬             ‫في نصوصي رغبتي العتيقة‬
    ‫الفقير‪ ،‬ورائحة البصل‪ ،‬وبقع‬     ‫هي مليئة بالسعي بخطى متعبة‪،‬‬               ‫في قول كل شيء‪ ،‬لهذا تبدو‬
‫زيت الزيتون‪ ،‬وأصوات الطائرات‬       ‫خطى من ينظرون صوب الحياة‬                ‫أحيا ًنا متعالمة ومليئة بالحشو‪.‬‬
‫التي تأهل ذاكرة الوالدين من أيام‬                                            ‫وفيها أي ًضا خوفي على ضياع‬
                                      ‫بد ًل من معانقتها‪ ،‬خطى قليلي‬      ‫الأشياء الحميمية؛ وهذا ما يملؤها‬
                 ‫حرب التحرير‪.‬‬     ‫الحظ‪ ،‬خطى أولئك الذين يتلبسون‬
       ‫نصوصي تشبه محادثات‬         ‫بتد ُّين الضعفاء؛ تد ُّين يأتي ليجبر‬
 ‫المتوحدين؛ مليئة بالكلام متخمة‬   ‫خاطر المعاني التي لم تجد خيارات‬
   ‫بالمعنى وممنوعة من الصرف‬        ‫كثيرة سوى الوعود الميتافيزيقية‬
   264   265   266   267   268   269   270   271   272   273   274