Page 35 - merit 46 oct 2022
P. 35
33 إبداع ومبدعون
رؤى نقدية
مارتن هايدجر خالد حسين ثنائية الماضي /الحاضر:
يظهر ،في الرواية ،وكأن للمدينة ذاتين اجتماعيتين،
المزينين النسائيين /منعوا الأطباء الرجال من الأولى منهما واضحة الهوية ،عربية قومية ملتزمة
معاينة النساء /يوبخون من يكسر الصيام علانية/
بالمسار العام لحركة المنطقة :تنفعل بأحداثها،
يطاردون شاربي الكحول على حواجز أقاموها وتشارك في الإعلان عن مواقفها تجاهها عبر
عند مداخل المدينة /يكدسون المال في حساباتهم فعل التظاهر ،وهي ذات تسعى نحو الانفتاح،
الشخصية /يمدون بالسلاح زمرة من المرافقين/ فتتقبل دين الآخر ومظاهر عبادته ،وتلاحق
يرسلون الشبان إلى القتال في جبهات لا يعودون التطور الفني والاجتماعي = يشاهد أبناؤها أحدث
منها /صارت إنتصار تتلفت ما إن تنتبه لوقع أقدام الأفلام السينمائية ،ويشترون الملابس المعاصرة،
ترن من بعيد فوق بلاط الأسواق /صحيح أنها
(إنتصار) لم تتعرض لتحرش مرة لكنها صارت ويفتتحون محلات التزيين.
أما الذات الثانية فمنغلقة انتقامية تسعى نحو الهدم
تخاف.
هذه المشاهد ،لما افترضنا أنهما ذاتان اجتماعيتان، والتخريب ،ترفض العلم والتطور ،تنكفئ نحو
تظه ُر التقابل الجلي بينهما ،وتشف عن الدلالة على ذاتها ،تسعى إلى إلغاء الآخر ،وهي تتقن فن التآمر
التغيير الطارئ الذي حل على ملامح المدينة ،وعلى والتسريب جاعل ًة الإرهاب خ ًّطا واض ًحا لها ،تكمم
أفواه المعتدلين ،وتسعى إلى فرض خياراتها بالقوة.
ساكنيها ،لتصبح الرواية رواية التحول والتغير تتمثل الذات الأولى من خلال أحداث الزمن الماضي،
الاجتماعي /الثقافي ،ويصير للزمن مفهومه
ويسهم الاسترجاع في الإضاءة عليها = المدينة
المعاكس ،فكأنما السير إلى الأمام يصير في «حي حاربت الانتداب الفرنسي /تضامنت وتظاهرت
الأميركان» تراج ًعا حثيثًا إلى الوراء بكل ما يحمله مع كل قضية عربية /تضامنت مع ثورة الجزائر/
تظاهرت ضد حلف بغداد /خرج أهلها إلى الشوارع
هذا الأخير من تضمينات التخلف ،والتعصب، عن بكرة أبيهم يوم استقال جمال عبد الناصر/
وانعدام الحرية الإنسانية ،هكذا يتولد صرا ٌع بين قاد رجل من رجالها جيش الإنقاذ الفلسطيني عام
/1948المسيحيون فيها كانوا يحملون الأيقونات
النوستالجيا أو الحنين إلى الماضي ،وبين رفض ويقومون بزياحاتهم في الشوارع فيقف التجار في
الحاضر القاسي الذي خالف كل التوقعات. أبواب محالهم احترا ًما .تمتلئ صالات العرض فيها
بالأفلام الغربية لجينا لولو برييجدا وغريغوري
بيك .يسود الأمان في شوارعها ،فتنطلق إنتصار/
الطفلة لتشتري البليلة للغداء من عند الفوال ،في
سوق الصاغة ،من دون خوف أو وجل.
في المقابل ،يكشف توالي الوحدات السردية خطيًّا
وانتظامها ،في السياق ،عن انقلاب الأوضاع في
الزمن الحاضر = المدينة ميتة /تستيقظ متأخرة/
تتحول إلى مدينة أشباح بعد الثامنة لي ًل /أمست
اليوم لا تحرك ساكنًا /يشتري الأغنياء أصوات
أهلها في الانتخابات /أغنياء تحوم الشبهات
حول طريقة تجميعهم الثروات /نعي صالات
السينما التي أقفلت الواحدة تلو الأخرى /مدارس
الإرساليات هجرت المدينة /سيطر المتطرفون
على المساجد /ينقبون نساءهم بالأسود /هددوا