Page 44 - merit 46 oct 2022
P. 44
العـدد 46 42
أكتوبر ٢٠٢2
يعتبرها حليفة للشيطان ،ولا يحملها نتائج الخطأ ذلك لأنها شخصية محورية ،لها تاريخ كاشف
الذي ارتكبته «حواء» الذي نتج عنه طرد «آدم» من لمنظومة السياسة والاقتصاد والثقافة في المدينة
التي ولدت فيها وعاشت سنواتها الأولى ،فوالدها
الجنة. -صاحب مخبز ومنه استمد لقبه ومنحه لأولاده-
وقبل التوغل في تحليل تاريخ شخصية «أحمد
الوكيل» ،نفسر معني «مبدعة القسوة» ،فنقول إن وله ثلاث زوجات ،وكانت أم «نعم» سلبية ،لا
كثرة القمع والحرمان ،تولد في ذات المحرومة أو تملك قرارها ولا قرار عيالها ،وكانت «الريسة»
المحروم ،قدرة على إعادة إنتاج القهر ،وتسليطه على زوجة الأب هي التي تتحكم في كل شيء ،وكانت
«ضحايا جدد» بصور مبتكرة ،وهذا شأن «نعم الفوضى والحرمان سببًا لتعرض «نعم الخباز»
الخباز» ،فالكل حسب قولها «على جزمتي ،»..وهي لحادث نتج عنه احتراق نصف وجهها ،انكفأت
العبارة التي تعقب بها على كافة الأحاديث ،وهي على نار»المنقد» ،وكان عليها أن تتعايش مع هذا
التي تعادي السودانية «إيمي دونج» التي جاءت من التشوه الفادح ،أو التشوه الذي قضى على أحلامها
جنوب السودان عقب انهيار «سلطان» والدها ،في الأنثوية المستقبلية ،ولفقر الأسرة أرسلت «نعم»
الحرب التي اشتعلت في عهد «عمر البشير» رئيس إلى بيت السيدة التي تتولى إرسال الخادمات للعمل
السودان الإخواني ،الذي تسبب في حرب أهلية في بيوت العائلات الغنية ،وكان من نصيب «نعم»
دامت لسنوات طويلة فقد السودان خلالها ملايين العمل في خدمة امرأة عجوز ،تعطيها الدواء ،وتلبي
البشر ،وكانت «إيمي» ضمن مجموعة استقدمتها مطالبها ،وهذه ثاني محطات القهر ،فالعمل مع
واحدة من الهيئات ذات الأهداف الإنسانية ،ولكنها «سيدة الأوجاع» -حسب وصف الرواية -حرمها
من طفولتها ،كما حرمتها «نار المنقد» من أنوثتها،
اشتبكت مع «نعم الخباز» ونالت
من قسوتها ،بسبب قربها من ولكنها لم تخضع للواقع الذي فرضته عليها
«جمال» ولدها الذي انتزعته ظروف المجتمع المصري ،واستطاعت الوصول
من صلب «أحمد الوكيل»، بطريقة «شرعية» إلى أمريكا ،وبالتحديد مدينة
وهذا شأن الجماعات المقهورة، «الشمس المشرقة» ،ولأنها امتلكت ثقافة «الحيلة»
يقسو بعضها على البعض. ارتدت القناع الاجتماعي المناسب للوطن الجديد،
فتسولت ،وسرقت ،وأقامت علاقات مع شخصيات
مصرية وسودانية ،لكنها انتزعت من صلب «أحمد
الوكيل» ولديها «جمال» و»عمر» ،ثم هجرها أو
هجرته ،وما «أحمد الوكيل» المصري مثلها سوى
جسر من جسور»السرد» التي ركبها الراوي
العليم ليكشف حقبة وسيا ًقا اجتماعيًّا عاشته «نعم
الخباز» وملايين النساء الفلاحات والعاملات في
المدن وهوامش المدن والبنادر الصغيرة في الدلتا،
وشرقها وغربها ،والحقبة المروي عنها ،هي حقبة
السبعينيات من القرن الماضى ،التي ظهر فيها الفكر
الوهابي وجماعة الإخوان ،والنموذج السعودي
والخليجي للدين الإسلامي ،وهو نموذج انتصر على
النموذج الأزهري الأشعري الذي عرفه المصريون،
وهو مناسب لمجتمع الفلاحة ،ويقبل التصوف،
والتصوف يقبل بتجاور الرجال والنساء عند زيارة
المقامات والأولياء ،ولا يحمل عداوة للمرأة ولا