Page 45 - merit 46 oct 2022
P. 45
43 إبداع ومبدعون
رؤى نقدية
الناس ،والكاتبة ميرال الطحاوي صاغت العلاقة زيف القناع الوهابي
بين الرجلين «المودودى» و»قطب» من خلال
في رواية «أيام الشمس المشرقة» ،لقاء تاريخي بين
شخصيتين ،إحداهما مصرية ،والثانية باكستانية، جرائم أبو الأعلي المودودي وجرائم سيد قطب الذي
فقد استطاع «مدرس العلوم» المحمل بفكرسيد
نقل عنه «نظرية الحاكمية» ،وهي باختصار تقوم
قطب أن يعمل في المدرسة الإعدادية بالقرية ،ويعزل على دليل قرآني منتزع من سياقه «ومن لم يحكم
«الفقي» التقليدي ،ويروج لنموذجه الوهابي، بما أنزل الله فأولئك هم الكافرون» و»الفاسقون»
و»الظالمون» ،والسياق الذي وردت فيه الآيات ،كان
ويشيع ثقافة كراهية المرأة في القرية المحملة بحالة يروي حوادث وقعت في تاريخ بني إسرائيل ،ولكن
من الفقر الثقافي والاجتماعي والتناقض بين الغريب الصراع الديني والعرقي بين الباكستان المسلمين
والهندوس في الهند ،خلق أر ًضا لنظرية أبو الأعلي
وصاحب البلد وشيخ العرب والفلاح والريفية التي جعلت الإسلام وطنًا وهوية وعقيدة وشريعة،
و»البندرية» والغني والفقير ،وكانت الضحية الأولى فجاءسيد قطب ليسرق هذه النظرية ،ويجعلها في
كتابه «معالم في الطريق» ،ليلزم «جماعة المسلمين»
لهذا المدرس الوهابي امرأة مهجورة «أم حنان» بإعادة «تعبيد الناس لرب العالمين» ،بكافة الوسائل،
وضعتها ظروف الحياة في هذه القرية بعد سفر ومنها القتل لو استلزم الأمر ،لأن «عضو جماعة
زوجها فني إصلاح أجهزة التليفزيون ،فاضطرت المسلمين» هو «صوت الله» الذي يجب أن يسمعه
للعمل خياطة لتتمكن من تربية ابنتها ،ونقلت بعض
مظاهر التحضر للقرية ،فهي التي حفرت «الكنيف» ميرال الطحاوي
-دورة المياة -وأعفت النساء من حالة الخروج
الجماعي الليلي لقضاء الحاجة في «الخرابات»
الواقعة خارج القرية ،وعرفتهن «حفاضات» الدم
الشهري ،وابتكرت «الروب» أو «الروبة» حسب
نطقهن لاسم ذلك الزي النسائي الوافد ،وهي التي
وقع عليها فعل التحرش وتمزيق ثوبها ،وثارت
الأحاديث والشائعات حول علاقة جمعت بين ابنتها
ومدرس العلوم الوهابي ،وشاعت ثقافة
الحرام والتحريم والحكم على الأشياء بحكم
«الطهارة» و»النجاسة».
وكانت أم أحمد الوكيل الأرملة ،تعاني من مرض
نفسي ،وخلل في وظائف المخ ،نتيجة سنوات من
الحرمان من الجنس والعاطفة ،فألزمه أهالي القرية
بأن يقيدها بالحبل ،وكان يجيب من يعيرونه بأمه
التي تعري بدنها للمارة بقوله «أمي زي الجاموسة
الحارنة» ،أي الجاموسة التي تمردت على صاحبها
وفكت قيودها ،ولما سافر أحمد الوكيل إلى أمريكا
وعاش في مدينة «الشمس المشرقة» ،وجد نفسه
مرتا ًحا في العمل مع «أبو عبد القادر» الباكستاني
الوهابي الذي يتولي تكفين وتجهيز وتغسيل ودفن
موتى المسلمين ،الذين يموتون وحيدين بلا عائلات
ولا مودعين ،بعدما انقطعت أواصر القربى وألقت
بهم سفن الغربة في الغرب الأمريكي ،لأن «ثقافة
تقديس الموت» هي كل ما عرفه وتربى عليه أحمد