Page 47 - merit 46 oct 2022
P. 47

‫‪45‬‬  ‫إبداع ومبدعون‬

    ‫رؤى نقدية‬

 ‫قلة قليلة اهتمت بحيوات النساء في مجتمع العربان‬        ‫من العاهرات اللاتي صرن يدلفن بأجسادهن إلى‬
‫«البدو» في مصر‪ ،‬بحكم انتمائها إلى «قبيلة الهنادي»‬     ‫المحراب بلا استئذان‪ ،‬رفعت الحورية ساقيها على‬
                                                    ‫الحائط بينما تدلى شعرها من فوق الأريكة وانسدل‬
    ‫التي تتمركز في «الحسينية» بمحافظة الشرقية‪،‬‬       ‫ملام ًسا الأرض‪ ،‬بينما ظلت ساقاها مرفوعتين عل‬
  ‫وقدمت دراسات منشورة في كتب منها «محرمات‬             ‫الحائط‪ ،‬فاحت رائحة جسدها في الغرفة» (صفحة‬

      ‫قبلية‪ :‬المقدس وتخيلاته في المجتمع الرعوي»‪،‬‬                                   ‫‪ 191‬من الرواية)‪.‬‬
     ‫صدر عن المركز الثقافي العربي ببيروت والدار‬     ‫ومن أجل هذا المشهد‪ ،‬كان على يوسف الأزهري أن‬
   ‫البيضاء‪ ،‬و»امرأة الأرق‪ :‬دراسة في كتابة المرأة»‬
   ‫الهيئة المصرية العامة للكتاب‪ ،‬و»الأنثي المقدسة‪:‬‬     ‫يزيح نجوي سالم من طريق «زهرة» ابنة الطبقة‬
     ‫أساطير المرأة في الصحراء»‪ ،‬دار بتانة‪ ،‬و»بنت‬     ‫الدنيا الجاهزة للصعود الطبقي بكافة السبل‪ ،‬وهذا‬
  ‫شيخ العربان» و»بعيدة برقة على المرسال‪ :‬أشعار‬
     ‫الحب عند نساء البدو»‪ ،‬ولها روايات «الخباء»‬         ‫القهر المزدوج الذي يقع على المرأة داخل جدران‬
‫و»الباذنجانة الزرقاء» و»نقرات الظباء» و»بروكلين‬       ‫الحرم الجامعي ويجري تغليفه بطبقة من الرطانة‬

         ‫هايتس»‪ ،‬ومجموعة قصص «ريم البراري‬                  ‫والأكاذيب التي تعطي أصحاب البدل الكاملة‬
    ‫المستحيلة»‪ ،‬وحازت جائزة نجيب محفوظ التي‬          ‫والوجوه الحليقة و»الكروش المتدلية الهيبة الزائفة‪،‬‬
   ‫تمنحها الجامعة الأمريكية بالقاهرة‪ ،‬وفي روايتها‬     ‫هو ما جعل نجوى تهرب خارج جامعتها المصرية‬
   ‫«أيام الشمس المشرقة» تواصل نضالها من أجل‬
   ‫قضية المرأة‪ ،‬ليس على المستوى المصري‪ ،‬بل على‬           ‫إلى أمريكا‪ ،‬بأخلاقها وتدينها وانتمائها لأسرة‬
  ‫المستوى الكوكبي‪ ،‬فالرسالة التي احتوتها الرواية‬    ‫مكونة من أم «مدرسة تاريخ» بالمعاش‪ ،‬وأب موظف‬
 ‫تقول إن المركز والأطراف يتساويان‪ ،‬بل يتنافسان‬
‫في قهر المرأة وقتل أنوثتها وإهدار دمها‪ ،‬لأن تعظيم‬        ‫طيب‪ ،‬وشقيقين فاشلين‪ ،‬الأمر الذي جعل الأم‬
    ‫وتكديس الأرباح هو الهدف الاستراتيجي الذي‬           ‫حاملة «الثقافة الذكورية» لا تفرح بنجاح «البنت‬
 ‫تعمل من أجله المنظومة العالمية الراهنة‪ ،‬ولا مهرب‬       ‫نجوى»‪ ،‬لأنها كانت تتمني أن يكون النجاح من‬
   ‫من القهر والموت والحروب والجوع‪ ،‬ولا تناقض‬
‫بين «شبرا الخيمة» أو «أم درمان» أو «أريزونا» أو‬                                      ‫نصيب الولدين!‬
‫«باريس»‪ ،‬فكلها بلدان تطبق ذات القوانين وتخضع‬
‫لمنظومة قهرالمرأة باعتبارها الحلقة الأضعف‪ ،‬وتقهر‬      ‫ولم تكن نجوي سالم تتوهم أنها جميلة‪ ،‬ولم يكن‬
 ‫الطبقات الفقيرة ‪-‬برجالها ونسا ئها‪ -‬وتتغذى على‬        ‫يوسف الأزهري يبحث فيها عن جمال أنثوي‪ ،‬بل‬
                                                    ‫كان يراها «بروليتاريا جامعية»‪ ،‬تبذل جهدها لخدمة‬
                                  ‫عرق كادحيها‬
                                                         ‫«الشغل» والعمل الأكاديمي‪ ،‬ليتفرغ ‪-‬التنويري‬
                                                    ‫الأكاديمي الأكبر‪ -‬لدوره في مداعبة أجساد عاهراته‬

                                                                                         ‫الصغيرات‪.‬‬
                                                    ‫بقي القول إن الكاتبة دكتورة ميرال الطحاوي‪ ،‬كاتبة‬

                                                      ‫من ذوات المشروعات الإبداعية والبحثية‪ ،‬فهي من‬
   42   43   44   45   46   47   48   49   50   51   52