Page 143 - merit 41- may 2022
P. 143

‫كما مَّثل "الدين" عن ًصرا مه ًّما‬
 ‫ومحور ًّيا في هذا العالم الروائي‬

   ‫جاء "الوطن" عن ًصرا مركز ًّيا في‬
     ‫الرواية؛ إنه ال ُمش ِكل العميق‬
        ‫للصراع بمستوييه الخارجي‬

   ‫التاريخي بما يحويه من أطماع‬
      ‫سياسية وحروب استعمارية‪،‬‬

‫والفني الذي يدور داخل شخصيات‬
    ‫العالم الروائي وما يلعبه هذا‬

  ‫الصراع من دفع للأحداث واتخاذ‬
‫لمواقف متعددة من قبل شخوص‬

                              ‫الرواية‪.‬‬

      ‫لعل «محبوبة» هنا إذا ما وضعناها في مقابلة‬       ‫في مسارح باريس وإيطاليا يصدح في الشوارع‬
 ‫«يعقوب» تمثل المألوف والمتعارف عليه في الانتماء‬      ‫والميادين‪ ،‬بالخطب والهتافات» (ص‪ ،)181‬وكما‬

       ‫إلى الوطن ومحبته والاحتماء به‪« .‬محبوبة»‬           ‫تنتمي «مارتين» إلى هذا النوع المتفرد ينتمي‬
      ‫شخصية رئيسة في هذا العالم الروائي أي ًضا‪،‬‬                                    ‫«يعقوب» أي ًضا‪.‬‬
   ‫بل تكاد تكون هي عماده‪ ،‬فمن بيتها تبدأ أحداث‬
     ‫الرواية وعلى بابها تنتهي «طرقتان على الباب‪،‬‬   ‫يمثل «يعقوب» شخصية أساسية في غيوم فرنسية‬
   ‫طرقتان غريبتان لم تعهد مثلهما‪ .‬فتحت محبوبة‬      ‫إلى درجة أنه يظل حاض ًرا في خلفية أحداث الرواية‬
 ‫الباب‪ ،‬لتجد ضاب ًطا فرنسيًّا يسألها‪ :‬هل أنت مدام‬
   ‫الجنرال فضل الله الزيات؟ كانت إجابة ملتبسة‪:‬‬        ‫حتى بعد موته‪ ،‬هو حاضر في الشخصيات التي‬
     ‫أنا أم فضل الله الزيات»‪( .‬ص‪ )282‬إذن فعند‬      ‫سافرت معه إلى فرنسا‪ ،‬هو حاضر في الشخصيات‬
‫«محبوبة» هناك فضل جديد فالوطن لا يعدم أبناءه‪،‬‬
  ‫وتظل «محبوبة» حاضرة في خلفية الرواية سواء‬          ‫التي بقيت في مصر‪« ،‬يعقوب» شخصية إشكالية‬
‫بالإيجاب عند تذكر «فضل الله» لها أم بالسلب عند‬        ‫في هذا العالم الروائي هو الشخصية الموصومة‬
   ‫تناسيها وعدم القدرة حتى على مجرد الاطمئنان‬          ‫بالخيانة للوطن والخروج على الكنيسة وهو ما‬
                                                         ‫تذكر به شخصية «محبوبة» طوال الوقت في‬
                                 ‫والسؤال عليها‪.‬‬         ‫موقفها المعلن ضد «يعقوب»‪« :‬لا تسمع كلام‬
‫«محبوبة» في تمثيلها للمألوف نجدها تنطق بالمتوقع‬
                                                    ‫أبي‪ ،‬لا تنضم إلى الفرنساوية‪ ،‬لا أفهم كيف تفكر‬
    ‫والمستقر في ثبات خطي على مدار الرواية‪ ،‬فعلى‬       ‫أن تنضم إلى يعقوب وأنت تعلم جي ًدا أنه قبطي‬
  ‫المستوى الديني «كنت أعلم ما ستقوله لي محبوبة‬
‫مسب ًقا‪ ،‬ستقول ما يقوله كل قبطي لنفسه منذ مئات‬      ‫فاجر» (ص‪ ،)21‬لكن «يعقوب» في الوقت ذاته هو‬
  ‫السنين‪ ..‬قدرنا‪ ،‬نتألم ونتحمل مثلنا مثل المسيح»‬    ‫الذي يحمي أبناء ديانته ويدافع عنهم ويؤمن لهم‬
                                                   ‫مساكنهم «المعلم يعقوب رجل بمائة رجل‪ ،‬رجل لم‬
     ‫(ص‪ ،)22‬وعلى المستوى السياسي «ومن قال‬           ‫تأت به و َّلدة‪ ،‬كيف خطرت له فكرة أن يبني قلعة‬
   ‫لك إن الفرنساوية لن يكونوا أسوأ من المماليك؟‬
                                                      ‫ويسورها بسور وأبراج‪ ،‬وباب كبير؟ لولاه كنا‬
                                                     ‫ُذبحنا كلنا مثل نصارى الرملة وبين السورين»‪.‬‬

                                                                                         ‫(ص‪)20‬‬
   138   139   140   141   142   143   144   145   146   147   148