Page 139 - merit 41- may 2022
P. 139

‫‪137‬‬  ‫نون النسوة‬

   ‫لامرأة أخرى‪ ،‬عرف ُت بعدها من تكون»‪( .‬ص‪،87‬‬                 ‫مثل المسيح»‪ .‬كانت المرة الأولى التي أفكر فيها‬
                                           ‫‪)88‬‬              ‫في معنى كل شيء‪ :‬المسيح‪ -‬الخلاص‪ -‬الآلام‪-‬‬

      ‫تزداد الأحداث في فرنسا حدة وتصاع ًدا عبر‬                     ‫الضعف‪ -‬القوة‪ -‬التسامح»‪( .‬ص ‪)22‬‬
  ‫المفارقة الدرامية التي يعيشها «فضل الله»‪ ،‬فبينما‬             ‫من هذا التفكر الذي أخذ «فضل الله الزيات»‬
                                                            ‫يمارسه تجاه كلام «محبوبة» الذي يمثل معتقد‬
   ‫يذهب إلى فرنسا يحركه الانتماء إلى أبناء ديانته‬           ‫جموع أفراد ديانته يتكشف الوجه الآخر «كان‬
   ‫ليعيش مع نصارى مثله لا مجال للتمييز عندهم‬                 ‫شيء ما بداخلي يقول‪ :‬لم يأت المسيح ليجعلنا‬
‫فهم أبناء دين واحد توحدهم الديانة وتلغي الفروق‬          ‫ضعفاء‪ ،‬لم َيخف المسيح أح ًدا‪ ،‬وقف أمام الجميع لم‬
 ‫بينهم‪ ،‬تطالعه شخصية «فرانسواز» حيث الصورة‬               ‫ينح ِن‪ ،‬عاش مداف ًعا عن دينه‪ ،‬ومات جبا ًرا‪ ،‬لم يأت‬
‫الحية لفرنسا بما تعج به من أحداث في هذا السياق‬             ‫المسيح ليعلمنا أن نرضخ للظلم»‪( .‬ص‪ )23‬عبر‬
  ‫الزمني‪ ،‬التحرر في ذروته الجرأة والتمرد‪ ،‬أضواء‬          ‫هذا التفكر يبدأ فضل الله في مخالفة المتعارف عليه‬
                                                          ‫عند أبناء ديانته متمر ًدا مقتد ًيا في تمرده بالمسيح‪،‬‬
       ‫المدينة المبهرة التي تسحبك بقوة إليها‪ ،‬متعة‬        ‫أو لعله مبر ًرا لذاته ما تطمح فيه من رغبات «هل‬
‫التجريب «لم تعطني فرانسواز أي فرصة للارتباك‪،‬‬                ‫فعل المسيح غير هذا؟ لقد خرق النظام اليهودي‬
                                                            ‫عندما وجد أن الناس أصبحوا تابعين للفرض‪..‬‬
  ‫كانت تقودني إلى كل شيء‪ ،‬أخذت يدي وضعتها‬                 ‫لم يكن المسيح أب ًدا خاض ًعا ولا ضعي ًفا‪ ،‬كان ثائ ًرا‬
    ‫على جسدها المندى بقطرات الشهوة قائلة‪ :‬كيف‬           ‫متمر ًدا»‪( .‬ص‪ )65‬إله «فضل الله» الذي يكشف عنه‬
‫للحب أن ينضج دون أن تلمس ما تحب؟ لأول مرة‬                 ‫هو «إله ُمحرر يتدخل في التاريخ من أجل تحطيم‬
 ‫تتجول يدي بجسد امرأة بكل هذه الحرية‪ ،‬لامست‬                 ‫هياكل الظلم‪ ،‬ويرفع المظلومين‪ ،‬ويحرر العبيد‪،‬‬
‫فيها كل شيء‪ ،‬كل شيء‪ ،‬كل جزء من شعر رأسها‬                  ‫ويسقط الإمبراطوريات» (ص‪ ،)65‬هذا هو الدور‬
  ‫حتى أصابع قدميها‪ ،‬وبينما أصابعي تكتشف كل‬                ‫الأكثر إيجابية الذي يرتضيه فضل الله بدي ًل عن‬
   ‫الممنوعات‪( »..‬ص‪ ،)141‬تتشكل المفارقة بعد هذا‬             ‫تحمل الآلام أم ًل في الخلاص‪ ،‬ليكون تمرده هذا‬
   ‫اللقاء حيث صنعت «فرانسواز» موق ًفا متأز ًما في‬       ‫داف ًعا ومبر ًرا له للانضمام إلى الفرنسيين سعيًا منه‬
   ‫معتقد «فضل الله» أحدثت شر ًخا غائ ًرا في إيمانه‬        ‫للتخلص مما يتعرض له من تمييز في بلده ممث ًل‬
     ‫في دينه في علاقته بالإله ومن ثم فيما تبقى له‬           ‫في عبارة «اشمل يا نصراني» التي كان تكررها‬
     ‫من هوية «اليوم بكيت عندما تذكرت نفسي في‬                 ‫في ذهنه يكشف عما أحدثته من ندبة في هويته‬
    ‫تلك الليلة بعدما ارتديت ملابسي عائ ًدا من عند‬        ‫وانتمائه «لن أبقى في بلد يقولون لي فيه‪ :‬انزل من‬
    ‫فرانسواز؛ لأنني فقط ليلتها تأكدت أنني لم أعد‬        ‫على البغلة يا نصراني» (ص‪ ،)53‬فينتقل إلى فرنسا‬
‫فضل الله الزيات‪ ،‬أصبحت فضل الذي تاه في جوف‬                 ‫وينضم إلى الفرنسيين حيث «سيظلون نصارى‪،‬‬
                                                            ‫ولن يقولوا لنا نصراني كأنها سبة»‪( .‬ص‪)30‬‬
                       ‫ليل فرانسواز»‪( .‬ص‪)143‬‬                    ‫أثناء رحلة السفر إلى فرنسا تتشكل الرؤى‬
    ‫تزداد المفارقة عم ًقا وب ًعدا دراميًّا حينما يحاول‬      ‫والأحلام والتصورات «من المؤكد أن عندهم في‬
 ‫«فضل الله» الاحتماء بالكنيسة للملمة ما تبقى منه‬            ‫كل شارع كنيسة‪ ،‬وليس كما عندنا»‪( .‬ص‪)84‬‬
     ‫«أما الآن فأشعر بحاجة شديدة إلى التقرب إلى‬           ‫هذه الرؤى والتصورات التي تتحول وتتبدل على‬
 ‫الله‪ ،‬إلى الصلاة‪ ،‬إلى الاعتراف‪ ،‬إلى تلك اليد الإلهية‬    ‫أرض الواقع «هكذا توقعت أن تكون تماثيل العدرا‬
   ‫التي ستعيد إل َّي توازني» (ص‪ ،)145‬حيث ُيقا َبل‬       ‫والمسيح في كل مكان‪ ،‬هذا ما تصورته‪ ،‬أن يكون في‬
     ‫داخل الكنيسة بإنكار كونه مسيحيًّا النصارى‬          ‫بلد مسيحية‪ ،‬فماذا سيكون بالشوارع سوى العدرا‬
   ‫يسلبونه ديانته‪ ،‬هرب من التمييز ليواجه بالطرد‬          ‫والمسيح والصلبان؟ وبماذا ستزين الجدران سوى‬
   ‫والإنكار‪ ،‬كيف له أن يستوعب ما يتكشف أمامه‬               ‫بالأيقونات؟ ولكنها لم تكن العدرا‪ ،‬كانت تماثيل‬
     ‫الآن «لس ُت مسيحيًّا؟! لا أعرف كيف تماسكت‬
     ‫أعصابي‪ ،‬ولكنني باندفاع شمرت كم قميصي‬
    ‫عن معصمي‪ ،‬وبصوت شديد الغضب والحسم‬
  ‫قلت‪ :‬انظر إلى يدي ألا ترى صليبي؟ أنا نصراني‪،‬‬
   134   135   136   137   138   139   140   141   142   143   144