Page 134 - merit 41- may 2022
P. 134
العـدد 41 132
مايو ٢٠٢2
لما يذكر في السياق التاريخي لأحداث الرواية. من أصحاب القرار لعله يتمكن في يوم ما أن يعود
وكما كانت اللغة محد ًّدا شديد الأهمية من محددات إلى مصر فات ًحا مصطحبًا جنوده الفرنسيين «لكني
الهوية من ناحية ،فقد كانت حائ ًل دون إمكانية لست متأك ًدا هل ستقف البشرة السمراء ،واللكنة
التواصل أحيا ًنا من ناحية أخرى ،ففي بعض الفرنسية المعجونة بالعربي ،حائ ًل أن أكون من
الأوقات نحتاج أن نجرد الأشياء من محدداتها رجال الصف الأول» ص.202
للوصول إلى المشترك الإنساني الأعمق؛ إذا ما أردنا وحين التقى فضل الله وجين بعد سفرهما بفترة
تواص ًل يتعالى على أي هوية دون أن يطمسها، مثلت العربية تحر ًرا لألسنتهم من قيود اللغة
وهو أمر فطري يدركه شاب بسيط مثل ألبير؛ الجديدة؛ فقد اشتاقا إلى أن يتحدثا بطلاقة دون
فحين لاحظ انزواء جين عرض عليها الذهاب إشارات وتمثيل بالجسد ليفهم المتلقي ما يقولونه:
لمشاهدة أحد العروض المسرحية ،وسرعان «جين :لقد اشتقت للحديث باللغة العربية.
ما تدارك الأمر عار ًضا عليها الاستماع وفي الحقيقة أي ًضا أنا اشتقت لسماع لغتي،
لحفلة موسيقية؛ واشتقت أن أتكلم دون أن أفكر في البحث عن
«لاحظ ألبير هذا الانزواء ،فإذا به مفردات تعبر عما أريده ،ودون أن أستخدم يدي
ذات ليلة يقول لي: وعيني وتعبيرات وجهي لاستكمال ما ينقصني من
ما رأيك أن نخرج م ًعا لحضور
أشياء لا أعرف معناها» ص.120
وقد حرصت الكاتبة على تمثيل كل اللغات المشكلة
لهوية الشخصيات في النص ،ففض ًل عن العربية
ظهرت الفرنسية في غناء العمال الفرنسيين على
المقاهي ،وظهرت القبطية في تضرع فضل عند
رغبته في الخلاص مرن ًما «جي بنيوت إتخين
فيؤوي ،ماريف توفو أنجيه بيكران؛ أبانا الذي في
السماء ليتقدس اسمك» .148وأرخت الأحداث في
مصر على لسان أبطال روايتها بالشهور القبطية،
بينما أرخت بالشهور الفرنسية الجديدة بعد انتقال
الأحداث إلى باريس.
وأوضحت على لسان منصور حنين كيف تحولت
مصر من اللغة القبطية إلى العربية «اللغة القبطية
هي لغة كل المصريين قبل أن يأتي العرب المسلمون
إلى مصر في البداية كانت صلواتنا المسيحية
وترانيمنا تقال بالقبطية ،حتى أتى البابا غبريال بن
تريك منذ حوالي ستمائة عام ،وقرر السماح بإقامة
الصلوات باللغة العربية» ص.235 -234
ولأن اللغة وعاء للهوية وداعمة لها وعنصر من
أهم عناصرها كما أدرك الأب عبد الملك ،أسس
مدرسة في فرنسا لتعليم اللغة القبطية التي
تعلمها بنفسه من الأوراق والمخطوطات
التي عثر عليها في الكنائس ،وكان من
بين أهم تلامذته شامبليون الذي فك
رموز حجر رشيد عام ،1822تب ًعا