Page 135 - merit 41- may 2022
P. 135

‫نون النسوة ‪1 3 3‬‬                                                           ‫أحد العروض المسرحية؟‬
                                                              ‫ربما لم يكن الاختيار الأمثل منه‪ ،‬قلت‪:‬‬
     ‫روسيا؛ حيث برودة الشمال القارصة‪ .‬حاولت‬          ‫لا أفهم ما يقولونه في المسرحيات‪ ،‬كلامهم يشبه‬
‫محبوبة أن تمنعه من الرحيل بإقناعه أن الفرنسيين‬
                                                                                   ‫كلام فرنسواز‪.‬‬
 ‫منافقون لا دين لهم وأن مسيحيتهم ‪-‬إن كانوا ما‬                                    ‫ابتسم البير قائ ًل‪:‬‬
 ‫زالوا متمسكين بها‪ -‬تختلف عن مسيحية الكنيسة‬          ‫ممكن أن نبدلها بحفلة موسيقية‪ ،‬فالموسيقى هي‬
                                                                   ‫لغة الإنسانية المشتركة» ص‪.172‬‬
                               ‫القبطية في مصر‪.‬‬        ‫هذا وإن برز الانتماء للوطن وللغة على مستوى‬
    ‫واعتبر القديس مرقص السفر إلى فرنسا خيانة‬           ‫الوعي أحيا ًنا‪ ،‬فقد كمن في قرارة اللاوعي في‬
                                                        ‫كثير من الأحيان‪ ،‬مفس ًحا المجال للانتماء‬
      ‫عظمى للكنيسة القبطية‪ ،‬وأن الخطر الحقيقي‬      ‫الديني والصراع حوله؛ فكما رغب فضل الله‬
  ‫الذي يهدد مسيحيي مصر هم الفرنسيون وليس‬             ‫في الرحيل هر ًبا من التمييز الديني التي‬
                                                     ‫تمثله جملة «اشمل يا نصراني» التي‬
      ‫المماليك «الخطر الحقيقي الآن بالنسبة لنا هم‬   ‫ظلت تقصيه إلى الشمال كلما حاول‬
  ‫الفرنساوية؛ إذا حكمونا حت ًما فسيخضعوننا لبابا‬    ‫الهرب منها حتى مات متجم ًدا في‬
  ‫رومية‪ ،‬يعقوب وأمثاله من أصحاب المال والنفوذ‬

    ‫لا يحسبون عواقب الأمور‪ ،‬لا يقرأون التاريخ‪،‬‬
    ‫لا يعرفون الدين‪ ،‬لا يدركون ح ًّقا وليس عندهم‬
  ‫بعد نظر‪ ،‬يعقوب أثاره أن المماليك والعامة دخلوا‬
     ‫يقتلون النصارى‪ ،‬أخذ يدعم الفرنساوية حتى‬
  ‫يقي النصارى شر القتل‪ ،‬لا يعرف يعقوب كم من‬
     ‫الدماء أهدرت حتى نحافظ على عقيدة الكنيسة‬
 ‫القبطية‪ ،‬يعقوب لا يسمع شيئًا عن الرعب البابوي‪،‬‬
 ‫والآن يأتي هو ليسلم الفرنساوية مصر والكنيسة‬
 ‫القبطية‪ ،‬أفهم ذلك من رجل مثل يعقوب‪ ،‬لا يعرف‬
‫إلا لغة المال والسلطة‪ ،‬أما أنت فرجل دين لا أفهمك‪،‬‬

                       ‫ولا أفهم أسبابك» ص‪.26‬‬
    ‫ولا يخفى انتماء مرقص الشديد للطائفة الدينية‬
   ‫حتى إنه يرى بذل الدماء ضريبة زهيدة للحفاظ‬
  ‫عليها‪ ،‬وقد أريقت الكثير من الدماء في سبيل ذلك‪،‬‬
 ‫ولا بأس من أن يراق المزيد فـ»الحفاظ على العقيدة‬
‫ليس أم ًرا هينًا‪ ،‬هناك ضرر أقل من ضرر» ص‪.26‬‬
     ‫ورغم ما وجهه مرقص لعبد الملك من تهديدات‬
‫واتهامات ضمنية وصريحة بالخيانة فقد سافر عبد‬
‫الملك حام ًل هد ًفا أسمى «تبعت يعقوب لأنني وجدت‬
  ‫معه إجابة‪ ،‬أو حتى شبه إجابة‪ ،‬عن سؤال ما كان‬
 ‫دائ ًما يؤرقني‪ :‬هل لنا نحن رجال الإكليروس دور‬
   ‫أكثر إيجابية غير اللجوء إلى العظات في القداس‬
 ‫الإلهي؟ دور يسعى إلى مواجهة البؤس والظلم‬
    ‫الهائل بد ًل من تحملهما أم ًل في الخلاص‪.‬‬
 ‫فتح لي يعقوب با ًبا آخر للخلاص» ص‪.65‬‬

      ‫ولا يعني هذا أنه تواءم سري ًعا مع‬
   ‫الوضع في فرنسا فقد أرقته الليالي‬
   ‫التي قضاها في الكنيسة الفرنسية‬
   130   131   132   133   134   135   136   137   138   139   140