Page 137 - merit 41- may 2022
P. 137
135 نون النسوة
د.سحر محمد فتحي
تحول الرؤى وتخلخل القناعات
في «غيوم فرنسية»
اتخذت الرواية من المونولوج الداخلي لشخصياتها ،والحوار
المتسائل حي ًنا والمستنكر المتعجب حي ًنا آخر بين الشخصيات،
والمفارقة ،والمواجهة تقنيات فنية ُتخل ِخل من خلالها الثابت
والمستقر من قناعات ورؤى وتصورات بسلاسة وحكمة ،ومن ثم
تفتح آفاقا غير محدودة للمراجعة وإعادة التفكير والتقبل واكتشاف
الوجه الآخر للأمور والبحث عن المسكوت عنه وراء الشعارات
والقناعات الكبرى حيث لا وجود لحقيقة مؤكدة.
مليئة بالأحداث ،إنها فترة حكم المماليك لمصر وما تنسج ضحى عاصي العالم الروائي في روايتها
شهدته من صراع وحروب مع العثمانيين من
ناحية ومع الفرنسيين من ناحية أخرى. «غيوم فرنسية» عبر التاريخ بأحداثه وشخصياته،
في ظل هذا السياق الزمني فالمجال مفتوح على إلا أنها تدخل إلى هذا العالم الروائي -و ُتدخلنا معها
مصراعيه لادعاء بطولات ،واعتناق قناعات،
وتبدل ولاءات ،وسك تهم متبادلة يتراشق بها نحن قراء الرواية -متخلصة من الأحكام القيمية
التي لحقت هذه الشخصيات التاريخية وعرفت
جميع الأطراف ،فض ًل عن الوصم بالخيانة للدين عنها؛ لتعطي لشخصيات روايتها حرية أن تنمو
والوطن والأهل ،في مثل هذا السياق الزمني
داخل هذا العالم الفني عالم الرواية بمعطيات هذا
يتشبث الأشخاص برؤاهم وتصوراتهم وأحكامهم العالم بما يتسع له من رحابة وخيال وتقنيات فنية
وقناعتهم باعتبارها حقيقة مؤكدة لا مجال تتشكل الشخصيات والأحداث من خلالها في ثوب
لمساءلتها أو التفكر فيها.
جديد.
من هنا بدأت «غيوم فرنسية» بفنية شديدة في هكذا ندخل إلى عالم هذه الرواية ونحن على وعي
إبداع سياق روائي يتسع لما لم يتسع له السياق أنها تتخذ من سياق زمني تاريخي إطا ًرا لها ،حيث
التاريخي ،حيث تفارق شخصيات الرواية الكثير تتوقف «غيوم فرنسية» عند نقطة زمنية في تاريخ
مصر متأججة الصراعات متضاربة التوجهات