Page 174 - merit 41- may 2022
P. 174

‫الغرفة المزدوجة‬                                                  ‫العـدد ‪41‬‬                           ‫‪172‬‬

‫إنها غرف ٌة شبيهة ِب ُح ْل ٍم‪ ،‬غرف ٌة‬                                                ‫مايو ‪٢٠٢2‬‬                    ‫الوفاض!‬
    ‫روحانية ح ًّقا‪ ،‬حيث الجو‬                                                                           ‫كانت الجنية ستشعر‬
                                                ‫كل أخوات‬                                         ‫بالإحراج‪ ،‬لأن جميع الهبات‬
‫الراكد ُمصطبغ قلي ًل باللونين‬               ‫ال َق َدِر الَّتِلي َدا ِت‬                                ‫ُو ِّز َع ْت‪ ،‬إلا أنها تذكرت‬
          ‫الوردي والأزرق‪.‬‬                                                                         ‫فو ًرا قانو ًنا شهي ًرا في عالم‬
                                                ‫ال ِمزاجيات‬                                        ‫الجنيات‪ ،‬رغم أنه ناد ًرا ما‬
   ‫وداخل هذه الغرفة‪ ،‬تسبح‬                  ‫هؤلاء‪ ،‬اللواتي‬                                           ‫يتم تطبيقه‪ ،‬وهو القانون‬
    ‫الروح في الكسل‪ ،‬الكسل‬                                                                          ‫الذي يمنحهن‪ ،‬في الحالات‬
                                             ‫هن الأمهات‬                                            ‫المشابهة لهذه‪ ،‬أي في حالة‬
   ‫المُ َض َّمخ بالندم والرغبة في‬       ‫الغريبات للبهجة‬                                              ‫نفاد الهبات‪ ،‬القدرة على‬
  ‫آن‪ ،‬إنه حل ٌم شهواني‪ ،‬كتلك‬                                                                        ‫منح هبة أخرى‪ ،‬إضافية‬
                                                ‫والألم‪ ،‬كن‬                                      ‫واستثنائية‪ ،‬بشرط أن تمتلك‬
     ‫الأحلام التي تزورنا في‬              ‫مختلفات للغاية‪:‬‬                                           ‫الجنية المُ َخيِّ َل َة القادرة على‬
                   ‫الغسق‪..‬‬                                                                      ‫خلق هذه الهبة بشكل فوري‪.‬‬
                                           ‫البعض منهن‬                                                 ‫إذن‪ ،‬أجابت الجنية هذا‬
   ‫إن أثاث هذه الغرفة يتخذ‬                ‫كانت هيئتهن‬                                              ‫الأب برباطة جأش جديرة‬
   ‫أشكا ًل ُمستطيلة‪ُ ،‬منحنية‪،‬‬            ‫كئيبة ومح َبطة‪،‬‬
 ‫وفاترة‪ ،‬حيث إن أثاثها يبدو‬                                                                                       ‫بمكانتها‪:‬‬
  ‫حالمًا‪ ،‬إلى حد أن المرء يفكر‬                   ‫والأخريات‬                                       ‫‪ -‬إنني أمنح طفلك‪ ..‬أمنحه‪..‬‬
 ‫في أن هذا الأثاث يتماهى مع‬               ‫كانت هيئتهن‬
  ‫أحد المُ َس ْر َن ِمي َن‪ .‬أما خامات‬       ‫مرحة وماكرة‪،‬‬                                                 ‫هب َة إثارة الإعجاب!‬
   ‫الأقمشة فإنها تتحدث لغة‬                 ‫وبعضهن كن‬                                            ‫رد الأب وهو يتساءل بتعنت‪،‬‬
                                         ‫شابات منذ الأزل‪،‬‬                                        ‫لأنه كان بلا شك أحد أولئك‬
     ‫صامتة‪ ،‬تما ًما كالزهور‪،‬‬           ‫والبعض الآخر كن‬                                           ‫المفكرين البسطاء‪ ،‬العاجزين‬
  ‫كالسماوات‪ ،‬والشموس في‬                  ‫عجائز منذ الأزل‪..‬‬                                      ‫عن الارتقاء إلى منطق العبث‪:‬‬
                                       ‫جميع الآباء الذين‬
                    ‫المغيب‪..‬‬               ‫كانوا يؤمنون‬                                              ‫‪ -‬إثارة الإعجاب؟! لكن‬
    ‫ما من أعمال فنية تدنس‬                ‫ب ُقدرات الجنيات‬                                        ‫كيف؟! إثارة الإعجاب! إثارة‬
                                         ‫أتوا‪ ،‬وكل منهم‬
       ‫جدران الغرفة‪ ،‬إذ إنه‬                                                                                 ‫الإعجاب لماذا؟!»‬
 ‫بالمقارنة مع الحلم الخالص‪،‬‬                 ‫يحمل مولوده‬                                          ‫أجابته الجنية الغضبى وهي‬
                                              ‫الجديد بين‬
     ‫والانطباع غير الخاضع‬                          ‫ذراعيه‪.‬‬                                                  ‫تدير ظهرها له‪:‬‬
  ‫للتحليل‪ ،‬فإن الفن المُتعارف‬                                                                                 ‫‪ -‬لأن‪ ..‬لأن‪..‬‬

    ‫عليه‪ ،‬الفن الواقعي يغدو‬                                                                     ‫وهي تلتحق بموكب رفيقاتها‪،‬‬
     ‫تجدي ًفا‪ ،‬فهنا‪ ،‬كل شيء‬                                                                                      ‫قالت لهن‪:‬‬
   ‫ُمتناغم‪ ،‬ويتمتع بالوضوح‬
    ‫الكافي والغموض الشهي‪.‬‬                                                                        ‫‪ -‬ما رأيكن في هذا الفرنسي‬
    ‫يطفو في الهواء عبير بالغ‬                                                                           ‫الصغير المختال‪ ،‬الذي‬
    ‫الخفة‪ ،‬عبير ُمنتقى بذوق‬
‫رفيع‪ ،‬يمتزج ببعض النداوة‪،‬‬                                                                            ‫يريد أن يفهم كل شيء‪،‬‬
  ‫بحيث ُي َه ْد ِه ُد الروح الغافية‬                                                              ‫والذي يتجرأ على الاعتراض‬
  ‫ويجعلنا نحس وكأننا ننام‬                                                                         ‫ومناقشة ما لا ُيناقش‪ ،‬مع‬
 ‫داخل دفيئة زجاجية زرعت‬                                                                           ‫أنني منح ُت لابنه أعظم هبة‬

       ‫فيها فواكه استوائية‪.‬‬                                                                                   ‫على الإطلاق؟!‬
  ‫ستائر الموسلين المُعلقة على‬
   169   170   171   172   173   174   175   176   177   178   179