Page 169 - merit 41- may 2022
P. 169

‫حول العالم ‪1 6 7‬‬

                              ‫لاشيا‬

    ‫السائق ثقب كبير محشو‬        ‫مدينة تورمينا مقابل مبلغ‬      ‫منذ عدة سنوات سافرت‬
     ‫بالجرائد وأشياء أخرى‬       ‫تافه‪ .‬أو إلى أي مكان آخر‪.‬‬    ‫بصحبة صديقي ديفيد إلى‬
     ‫قذرة‪ .‬أدار فرانشيسكو‬     ‫إلى جبل إيتنا‪ .‬وحينها صرخ‬    ‫جزيرة صقلية‪ .‬وهناك انتهت‬
                                                             ‫رحلتنا وعلاقتنا أي ًضا‪ .‬في‬
  ‫محرك السيارة وداس على‬           ‫«بركان» ولم تكن فكرة‬
    ‫البنزين وانطلق بالسيارة‬       ‫الذهاب إلى جبل إيتنا قد‬      ‫بلدة كاتانيا (بلدة داخل‬
                                 ‫خطرت على بالنا أما الآن‬      ‫الجزيرة) تعطلت السيارة‬
      ‫وبدأ ديفيد ينكمش على‬        ‫فقد بدت لنا هذه الفكرة‬      ‫وبقينا لمدة ثلاثة أو أربعة‬
  ‫نفسه تدريجيًّا داخل الثقب‬    ‫كأنها إشارة أو قدر وربما‬    ‫أيام غير قادرين على التنقل‪.‬‬
   ‫حتى بدا من الخلف كطفل‬       ‫خلاص‪ .‬اتفقنا على أن ندفع‬        ‫ولم يكن لدينا خيار آخر‬
   ‫صغير‪ .‬أص َّر فرانشيسكو‬         ‫له مائتي ألف ليرة نظير‬       ‫سوى الاستسلام للأمر‬
 ‫علينا أن ندخن من سجائره‬       ‫الرحلة وخمسين ألف ليرة‬       ‫الواقع‪ .‬فاستأجرنا غرفة في‬
                               ‫دفعة أولى من ثمن البنزين‪،‬‬   ‫بنسيون ووصل بنا الخلاف‬
    ‫الرومانية ومد يده بعلبة‬    ‫وعدنا إلى سيارته التي كان‬     ‫إلى حد أننا كنا نمشي هنا‬
 ‫سجائر مفتوحة وقربها من‬        ‫قد ركنها قرب الكاتدرائية‪.‬‬    ‫وهناك بلا هدف في شوارع‬
‫أنف ديفيد ولكن ديفيد رفض‬           ‫كان فرانشيسكو رج ًل‬     ‫من الحمم البركانية السوداء‬
   ‫وشكره ها ًّزا برأسه‪ ،‬فقال‬    ‫من رومانيا‪ ،‬قصير القامة‬        ‫دون أن نتبادل أي نظرة‬
   ‫له فرنشيسكو بنبرة آمرة‬         ‫ومكتنز القوام وذا شعر‬       ‫أو حتى كلمة واحدة‪ .‬كان‬
 ‫«دخن» فالسجائر الرومانية‬      ‫أبيض‪ .‬وكان يعرف الجمل‬          ‫الطقس حا ًّرا إلى درجة لا‬
‫جيدة‪ .‬وأخذنا ندخن سيجارة‬       ‫الأساسية التي يص ِّرف بها‬   ‫يمكن تصورها‪ .‬وكان التعب‬
                               ‫أموره من كل لغة‪ .‬كما كان‬       ‫قد أنهكنا تما ًما ولكن كان‬
      ‫تلو الأخرى حتى لفتنا‬       ‫ماك ًرا ولكن ليس إلى حد‬     ‫بإمكاننا أن نتحمل بعضنا‬
 ‫سحابة من الدخان الأصفر‪.‬‬      ‫خطير‪ .‬مشى أمامنا وتبعناه‪.‬‬        ‫البعض أثناء المشي فقط‪.‬‬
  ‫وعندما سحب ديفيد ساقه‬        ‫وكاد ديفيد أن يمسك بيدي‬       ‫وهكذا أصبحنا في وضعنا‬
                              ‫ونحن في طريقنا‪ .‬وجلس في‬
    ‫اليسرى نحو اليمين كي‬       ‫سيارة فرانشيسكو الفيات‬            ‫هذا فريستين سهلتين‬
 ‫يفسح له مجا ًل لتغيير ناقل‬   ‫القذرة في المقعد الأمامي كي‬     ‫لفرانشيسكو‪ ،‬ذلك الرجل‬
                                  ‫لا يصاب بالدوار‪ .‬لاحظ‬        ‫الذي كان قد تحدث إلينا‬
    ‫السرعة مال فرانشيسكو‬          ‫فرانشيسكو ذلك وفهمه‬         ‫في ساحة الكاتدرائية‪ ،‬ولم‬
     ‫نحوه وأعادها برقة إلى‬        ‫بطريقة خاطئة‪ ،‬فرمقني‬        ‫نكن حازمين في صده بما‬
                                ‫بنظرة ذات معنى إلا أنني‬     ‫فيه الكفاية وهو يتبعنا عبر‬
  ‫مكانها وهو يردد «استرح‪،‬‬      ‫أشحت بنظري عنه وأخذت‬           ‫الطرقات بلا هوادة ويلح‬
    ‫استرح» ثم قال «لاشيا»‬     ‫مكاني في المقعد الخلفي‪ .‬كان‬   ‫علينا في أن يأخذنا في جولة‬
                                 ‫في المقعد الأمامي بجانب‬       ‫خلال كل الشوارع‪ .‬فقد‬
‫وأطلق ضحكة طويلة لم نفهم‬                                     ‫عرض علينا اصطحابنا إلى‬
   ‫سببها‪ .‬وحاول ديفيد من‬

 ‫وقت لآخر أن يسحب نفسه‬
 ‫إلى الأعلى ويعدل من جلسته‬

   ‫ثم توقف عن ذلك‪ .‬وأثناء‬
 ‫اختناق مروري عرض علينا‬

    ‫فرانشيسكو ألبوم صور‬
   164   165   166   167   168   169   170   171   172   173   174