Page 165 - merit 41- may 2022
P. 165

‫‪163‬‬  ‫تجديد الخطاب‬

     ‫تجاو ًزا فعليًّا للنَّظريات التي‬                  ‫المُجتمع المدني»(‪.)3‬‬
 ‫سادت قبله‪ .‬رغم تقدمها إلا أنها‬              ‫إ ّن الدولة هي الغاية ال ُقصوى‬
                                          ‫للأسرة ولل ُمجتمع المدني‪ ،‬وتمثِّل‬
   ‫أثارت انتقادات من نو ٍع آخر‪،‬‬           ‫كذلك ضرور ًة خارجية ومتعالية‪.‬‬
   ‫صدرت عن «الماركسيين» مما‬                  ‫وتكم ُن قوتها في وحدة الغاية‬
   ‫أ َّدى إلى تعديل مفهوم الدولة‪.‬‬             ‫العامة مع المصالح الخاصة‪،‬‬
 ‫كما جاء في كتاب مفهوم الدولة؛‬
    ‫إريك فايل اعتبر نظر َّية هيغل‬         ‫ورم ُز تلك الوحدة هو أن الأسرة‬
 ‫علمية حول الدولة كما هي الآن‬                  ‫والمجتمع يتح َّملان واجبات‬

     ‫ستكون باستمرار ما دامت‬                  ‫ُتضاهي الحقوق التي يتمتَّعان‬
 ‫ضرورية للإنسان‪ .‬يحاو ُل إريك‬             ‫بها‪ُ .‬يعطي هيغل تعري ًفا جوهر ًّيا‬

    ‫فايل أن ُيصالح هيغل‪ ،‬في آ ٍن‬             ‫للدولة‪« :‬هي الفكرة الأخلاقية‬
‫واحد‪ ،‬مع كانط وماركس‪ .‬ويبدو‬               ‫الموضوعية إذ تتح َّقق‪ ،‬هي الروح‬

    ‫لي هذا مستحي ًل‪ ،‬باعتبار أن‬           ‫الأخلاقية بصفتها إرادة جوهرية‬
‫نظرية هيغل في الدولة هي تجاوز‬            ‫تتج َّل واضحة لذاتها‪ ،‬تعرف ذاتها‬

  ‫كبير لأخلاقيات كانط (أخلاقية‬              ‫وتف ِّكر بذاتها و ُتنج ُز ما تعرف‬
    ‫الوجدان الفردي)‪ ،‬وماركس‬                 ‫لأ َّنها تعرف ُه»‪ .‬إ َّن هذا التعريف‪،‬‬
    ‫و َّجه نق ًدا لاذ ًعا لنظرية هيغل‬        ‫على ح ِّد قول عبد الله العروي‪،‬‬
                                            ‫هو تعري ٌف مع َّقد بالغ التجريد‪،‬‬
 ‫بخصوص الدولة (هو موضوع‬
      ‫الفصل الثاني من ال ِكتاب)‪،‬‬           ‫لكن تعقيداته تأتي من التصاقه‬
                                               ‫بالواقع‪ .‬وتعري ٌف يقف على‬
‫وبالتالي ففكرة إريك فايل ضر ٌب‬
 ‫من المستحيل‪ ،‬وحتى الهيغيليين‬            ‫النَّقيض من المدرستين المذكورتين‬
                                           ‫سل ًفا‪ ،‬لأ ّنه تعريف لا ينطبق على‬
       ‫أنفسهم لم يوافقوا عليها‪.‬‬
   ‫ُيع ِّرف هيغل الدولة قائ ًل‪« :‬لا‬      ‫هذه الدولة أو تلك إنما ينطبق على‬
 ‫تستح ُّق أ ْن تسمى دولة بالمعنى‬
   ‫الحرفي‪ .‬إ َّنها مجتمع‪ ،‬مجموعة‬                      ‫الدولة عبر التاريخ‪.‬‬
‫إنسانيَّة‪ ،‬كيا ٌن غير مكتمل‪ ،‬وليس‬         ‫إن نظرية هيغل في الدولة تشك ُل‬

     ‫دولة عقلية»‪ُ .‬ي َع ِّق ُب عبد الله‬
 ‫العروي على هذا التعريف قائ ًل؛‬
  ‫بأ َّن علماء الاجتماع والمؤ ِّرخين‬

       ‫غير راضيين أب ًدا على هذا‬
  ‫الحكم‪ .‬السؤال الذي يتباد ُر إلى‬
  ‫الذهن‪ :‬ماذا يقص ُد هيغل بكلمة‬
   ‫دولة؟ لا يعني بها شك ًل من‬
   ‫أشكال النِّظام ‪-‬تنظي ًما بين‬
   ‫التنظيمات الاجتماعيَّة‪ -‬بل‬

    ‫يعني بها مفهو ًما منطقيًّا‬
  ‫شائ ًكا و ُمستعصيًا‪ ،‬ير ِّكب ُه‬
‫من خلاصة التاريخ‪ .‬لم تكن‬
    ‫الإمبراطورية الجرمانية‬
   160   161   162   163   164   165   166   167   168   169   170