Page 163 - merit 41- may 2022
P. 163
161 تجديد الخطاب
فهي اصطناعية ،لا ُيمك ُن أن
تتض َّمن قيمة أعلى من قيمة
الحياة ال ُّدنيا كلها .تتعلق القيمة
بالوجدان الفردي ،إ ْذ يتج ُه نحو
الغاية المُق َّدر ِة له» .إن الدولة تكون
مقبولة ويحتضنها الأفراد إذا
ك َّرست وقتها لخدمتهم ،وتكون
مرفوضة ولا شرعية ،سيِّئة،
وليدة الطبيعة الحيوانية في
الإنسان؛ إذا منعت الفرد من أن
يلبي الدعوة الموجهة إلى وجدانه
أو ضايقته .وتكون ش ًّرا باط ًل
إذا تعامت عن الهدف الأسمى
الذي يتطلَّب تنفيذ قانو ٍن معيَّن.
نفهم من ك ِّل هذا تركيز عبد الله
جورج هيجل إريك فايل إرنست كاسيرر العروي على خدمة الدولة للفرد،
طريق العادات والثَّقافة واللغة. والسهر على تنظيم شؤون حياته
إن ال َّدولة ،في هذه المدرسة« ،هي وسيرها بشك ٍل اعتيادي.
له ،شبح ووهم ،تفكي ٌر يصلح ظاهرة من ظواهر الاجتماع قام عبد الله العروي بمقارنة
لمواضيع شتَّى سوى لموضوع الطبيعي .تولَّدت حسب قانو ٍن
متميزة بين مدرستين (مقالتين)
الدولة. طبيعي»( .)1إذا بقيت الدولة
نستش ُّف من هنا أن الدولة خاضعة وتابعة لهذا القانون كانت أساسيتين:
الطبيعية ،كما ورد في كتاب
مفهوم الدولة للأستاذ عبد الله معقولة ،وبالتالي لا تناقض بينها -المدرسة الأخلاقية :هذه
العروي ،تخد ُم المجتمع بالدرجة وبين المجتمع ،أو بينها وبين
الأولى ،بقدر ما تخد ُم الفرد، المدرسة َتعتبر الدولة أدا ًة
وأهدافها كلها سامية تتطلَّع الفرد .إذا حصل أي تناقض فذلك
لمستقب ٍل مزدهر .إذن فالدولة راج ٌع لسب ٍب غير طبيعي ناتج الفرد على تحقيق ُمغاياصتطهنعوةمتتطلّساباعت ُده
الطبيعية تعيش تجان ًسا وا ِّتسا ًقا عن خطأ إنساني متعمد وبذلك وتك ِّرس نفسها
بينها وبين الفرد والمجتمع .في تنشأ وتتأسس الدولة المستب ِّدة لخدمته .إ َّن تح ُّدث ال َّشريعة عن
مقابل الدولة الطبيعية؛ نجد الدولة التي تمار ُس قه ًرا وحي ًفا على الأخلاق معنا ُه أخلاق الفرد حيث
الفاسدة (اللاطبيعية ،اللاشرعية) المحكومين .القو ُل بأ َّن الدولة لا وجود لأخلاق ال َّدولة ،كما أ َّن
التي تتصف بصفات تجافي ظاهرة اجتماعية فإننا أكدنا خطاب ال َّشريعة لل َّدولة بصفتها
وتتنافى كليًّا مع الدولة الطبيعية. تلقائيًّا رفضنا لتص ُّور خروج وسيل ًة لتبليغ ال َّدعوة إلى الفرد.
الدولة الفاسدة مناقضة لل ُمجتمع -المدرسة ال ّطبيعية :تق ُّر هذه
ومبنية على ال ُعنف والاستعباد الفرد من الدولة ،وال َّرفض أي ًضا المدرسة بأن غاية الإنسان الأولى
للتمييز بين ال َّدولة والمجتمعُ .يؤكد
(مؤامرة ضد الإنسان). عبد الله العروي على أ َّن التفكير في هي المعرفة والرفاهية والسعادة.
كلتا الدولتين ،في نظر عبد الله الدولة هو تفكي ٌر في كائ ٍن لا وجود
الإنسان هو ولي ُد الطبيعة ،هي
ملاذه الأول والأخير ،وهي التي
تس ُّد حاجاته ،وقوة الإنسان
هنا تكون برفقة الجماعة ،ففي
الحاضر تنش ُأ عن التعاون،
وفي الماضي نشأت وانبثقت عن