Page 170 - merit 41- may 2022
P. 170

‫العـدد ‪41‬‬                               ‫‪168‬‬

                                ‫مايو ‪٢٠٢2‬‬                           ‫به خمسون صورة لنساء‬
                                                                     ‫يوحي شكلهن بأنهن إما‬
  ‫يده على ساق ديفيد‪ .‬التفت‬      ‫المدينة‪ ،‬حاول ديفيد أن يربط‬      ‫عاهرات أو متحولات جنسيًّا‪.‬‬
     ‫ديفيد نحوي وحاول أن‬           ‫حزام المقعد حوله فقال له‬        ‫فشعرت بالارتباك ولم أعد‬
                                  ‫فرانشيسكو «لاشيا» وهذه‬            ‫أدري ماذا أفعل‪ .‬أما ديفيد‬
‫ينظر إل َّي‪ .‬وبدا غريبًا فلمست‬                                    ‫فقد تمالك نفسه وأخذ وقته‬
  ‫كتفه بسرعة‪ .‬وفي مكان ما‬       ‫المرة بنبرة فيها تهديد وحزم‬      ‫وهو يتأمل كل صورة‪ .‬ولكن‬
    ‫على جبل إيتنا توقفنا بعد‬     ‫وأخذ الحزام منه ولفه وراء‬         ‫كل هذا الوقت لم يكن كافيًا‬
   ‫مضي ساعات كما بدا لنا‪،‬‬        ‫المقعد‪ .‬بعد قليل حاول ديفيد‬      ‫لفرانشيسكو الذي كان يعيد‬
                                  ‫أن يحزم نفسه مرة أخرى‬              ‫تقليب الصور مرة أخرى‬
‫«هيا بنا» صرخ فرانشيسكو‬           ‫ثم توقف عن ذلك ولم يعد‬            ‫وينظر إليها ثم ينقر عليها‬
 ‫وخرج من السيارة‪ .‬وعندما‬                                          ‫بإصبعه وجذعه الأعلى يهتز‬
 ‫تأخرنا قلي ًل ضرب بقبضته‬          ‫له مرة أخرى حتى عندما‬             ‫يمينًا وشما ًل‪ .‬كان الجو‬
  ‫على نافذة السيارة‪ .‬خرجنا‬           ‫بدأ فرانشيسكو بتجاوز‬         ‫خان ًقا في السيارة ولا يوجد‬
  ‫من السيارة وكانت ساقاي‬            ‫السرعة بطريقة خطيرة‪.‬‬         ‫لدينا ما نشربه‪ .‬فطلب ديفيد‬
                                  ‫عندما يصمت فرانشيسكو‬            ‫أن نتوقف عند محطة بنزين‬
   ‫متنملتين فأحسست أنني‬            ‫نصمت أي ًضا‪ .‬كنت أقاوم‬          ‫ونشتري زجاجة ماء‪ ،‬لكن‬
   ‫غير قادرة على المشي على‬         ‫تعبًا شدي ًدا‪ .‬أما ديفيد فلم‬  ‫فرانشيسكو هز رأسه راف ًضا‬
                                    ‫أستطع أن أرى ما يجري‬          ‫وتناول زجاجة ماء مفتوحة‬
     ‫الرغم من الريح الباردة‬          ‫عنده وبدا من الثقب أنه‬          ‫من تحت مقعده وشربنا‬
   ‫المنعشة‪ .‬كان فرانشيسكو‬         ‫غارق في مقعده تما ًما‪ .‬وفي‬       ‫جمي ًعا منها وكان هو أولنا‪.‬‬
‫يشير إلى اتجاه معين فمشى‬         ‫وقت ما تحدث فرانشيسكو‬               ‫كان يتثاءب كثي ًرا ولفترة‬
   ‫إليه ديفيد ببساطة وببطء‬       ‫لفترة طويلة ولم أكن أصغي‬            ‫طويلة وله طريقة مقززة‬
                                  ‫إليه جي ًدا ولكن أعتقد أنني‬     ‫على فتح فمه عن آخره‪ ،‬ولم‬
     ‫وكأنه مخدر‪ .‬ولحق به‬        ‫سمعته يقول إنه يوجد شيء‬          ‫أتمالك نفسي عن سؤاله‪« :‬ألا‬
 ‫فرانشيسكو‪ .‬ولم نقترب أنا‬             ‫ما مثل إشباع جوهري‬           ‫تنام جي ًدا؟»‪ ،‬فرد بأنه ينام‬
   ‫وديفيد من بعضنا البعض‬        ‫عميق‪ ،‬سعادة‪ ،‬لا يبالي بعدها‬       ‫بشكل جيد ولكنه يخاف من‬
  ‫على الرغم من أنني شعرت‬         ‫المرء بأي شيء‪ .‬كان يتحدث‬        ‫النوم‪ .‬واستخدم كلمة خوف‬
  ‫أنه قريب مني أو ربما لهذا‬     ‫بغضب ويردد من حين لآخر‬               ‫باللغة الألمانية «‪.»Angst‬‬
                                  ‫باللغة الإيطالية «إنت فاهم‪،‬‬    ‫وقال إنه يرى منامات مروعة‬
   ‫السبب‪ .‬جمع فرانشيسكو‬          ‫إنت فاهم؟» وهو يلوح بيده‬          ‫أثناء النوم واستدار نحوي‬
 ‫أحجا ًرا سوداء ووضعها في‬       ‫في وجه ديفيد‪ .‬وديفيد يجيبه‬       ‫وحدق في وجهي وفي أقل من‬
 ‫أيدينا وحملناها مثل طفلين‪.‬‬     ‫بالإيطالية‪« :‬نعم‪ ،‬نعم‪ ،‬فهمت‪،‬‬     ‫ثانية شعرت أنني أعيش الآن‬
   ‫وعلى ارتفاع ما يقارب من‬       ‫فهمت» بنبرة واهنة‪ ،‬وأعتقد‬          ‫كابو ًسا لا نهاية له وأنني‬
‫‪ 2000‬متر وصل الطريق إلى‬               ‫أنه كان يشعر بالضيق‬             ‫بلا حول ولا قوة وأنني‬
   ‫نهايته عند محطة سياحية‬        ‫وكنت سعيدة لأنني سمعت‬               ‫قد استسلمت‪ .‬ثم استدار‬
  ‫وبداية خط تيلفريك معطل‪.‬‬        ‫صوته‪ .‬وصرخ فرانشيسكو‬                ‫مرة أخرى‪ .‬وبينما كانت‬
                                   ‫«لم تفهم‪ ،‬لم تفهم» وتنهد‬         ‫السيارة تنطلق بنا بسرعة‬
   ‫ومنعتنا الريح العاتية من‬     ‫وصمت وبدأ يعيد حديثه من‬              ‫شديدة ونحن نخرج من‬
   ‫سماع حديث فرانشيسكو‬          ‫الأول‪ ،‬السعادة‪ ،‬الاعتبار‪ ،‬وما‬
    ‫المستمر‪ .‬واشترى لنا من‬       ‫يأتي بعده‪ ،‬أنت تعرف‪ .‬وإذا‬
   ‫أحد الأكشاك كاميرا فيها‬         ‫لم أكن مخطئة فقد وضع‬
 ‫فيلم يحتوي على ‪ 27‬صورة‬            ‫في وقت ما لثوان معدودة‬

    ‫وأشار لديفيد على بعض‬
 ‫المناظر التي عليه تصويرها‪.‬‬

     ‫وبينما كان ديفيد يأخذ‬
     ‫صو ًرا كان فرانشيسكو‬
   ‫يتبادل النظر مع البائع في‬
   165   166   167   168   169   170   171   172   173   174   175