Page 171 - merit 41- may 2022
P. 171

‫حول العالم ‪1 6 9‬‬

   ‫لفرانشيسكو الأجر المتفق‬               ‫عن الطريق‪ .‬ولم يجب‬         ‫الكشك مما جعلني أقلق إلى‬
‫عليه‪ ،‬وثمن الكاميرا والبنزين‬        ‫وبد ًل من ذلك سحب شريط‬            ‫أقصى درجة‪ .‬تسلقنا إلى‬
                                    ‫كاسيت من ضمن عدد كبير‬             ‫الفوهة الصغيرة للبركان‬
    ‫والله أعلم ماذا أي ًضا‪ .‬كل‬                                        ‫الهامد المكون من حجارة‬
  ‫ما أردناه الآن هو التخلص‬            ‫من الكاسيتات التي كانت‬         ‫صغيرة بنية اللون‪ ،‬كانت‬
                                    ‫مرمية تحت قدميه ووضعه‬            ‫تنزلق تحت أقدامنا‪ .‬وكان‬
      ‫منه‪ .‬أخذنا نتعامل معه‬          ‫في المسجل‪ .‬كانت موسيقى‬
 ‫بمنتهى الغطرسة لأننا عدنا‬          ‫رومانية غير محتملة بالمرة‪.‬‬      ‫فرنشيسكو يتوسطنا وهو‬
  ‫إلى المدينة مرة أخرى‪ ،‬وإلى‬                                          ‫يقبض على معصمي بيده‬
                                      ‫رفع صوت المسجل عاليًا‬        ‫اليسرى وعلى معصم ديفيد‬
   ‫الأمان‪ ،‬فدفعنا مبل ًغا تاف ًها‬     ‫إلى درجة أنني لو كنت قد‬        ‫بيده اليمنى‪ .‬كانت قبضته‬
 ‫كنوع من الفدية كما سماها‬              ‫استمررت بطرح أسئلتي‬           ‫شديدة‪ .‬عندما وصلنا إلى‬
                                   ‫عليه فلن يفهمها فتوقفت عن‬      ‫الفوهة وجدنا أن قطر حافتها‬
     ‫ديفيد فيما بعد واختفى‬           ‫السؤال‪ .‬توقفنا عند محطة‬       ‫بالكاد يساوي ممر رصيف‬
     ‫فرانشيسكو ولم يحدث‬               ‫بنزين واستيقظ ديفيد من‬
    ‫أي شيء‪ .‬وأثناء الليل في‬           ‫نومه ونفض النعاس عنه‪.‬‬             ‫مشاة‪ .‬شعرت بالدوار‬
     ‫بنسيون هولاند العالمي‬            ‫كان بإمكاننا الخروج من‬            ‫وقطعت الريح أنفاسي‬
   ‫استيقظت من نومي‪ .‬كان‬             ‫السيارة والهروب منه لكننا‬       ‫وأحسست بالحمى تسري‬
   ‫ديفيد يستلقي بجانبي بلا‬         ‫لم نفعل ذلك وبقينا جالسين‬         ‫في جسدي‪ .‬وأثناء النزول‬
   ‫حراك وكانت الريح تدفع‬             ‫في السيارة بلا حراك حتى‬       ‫فك فرانشيسكو من قبضته‬
   ‫ستائر الشباك‪ .‬والسكون‬                                           ‫وبد ًل من ذلك أمسك بيدينا‪.‬‬
‫يخيم على غرف البنسيون‪ ،‬لم‬               ‫عاد فرانشيسكو وركب‬             ‫وأخذت أحملق في قدم َّي‬
‫أسمع سوى صوت طرطشة‬                    ‫وسار بنا‪ .‬وتركنا الطريق‬      ‫والرماد يلتمع أسفلهما‪ .‬وفي‬
 ‫الماء الآتي من الفناء السفلي‪.‬‬       ‫السريع وبدا لي أننا نقترب‬       ‫وقت مبكر من العصر كنا‬
  ‫ذهبت إلى النافذة وأخرجت‬          ‫مرة أخرى من جبل إيتنا لكن‬      ‫قد سلكنا طري ًقا آخر للعودة‪.‬‬
 ‫رأسي منها‪ .‬في البداية رأيت‬           ‫من ناحية أخرى‪ .‬وتوقفنا‬      ‫وعند قرية مهجورة ومنسية‬
    ‫القطط تجلس على أسقف‬              ‫في مكان يشبه سطح القمر‬           ‫تما ًما توقف فرانشيسكو‬
 ‫السيارات ثم الماء الذي غمر‬                                            ‫بسيارته وقفز من فوق‬
 ‫الفناء كله تقريبًا وبدت بقعة‬            ‫ونزل فرانشيسكو من‬            ‫سور وكسر فرع شجرة‬
   ‫سوداء تحت ضوء أصفر‬               ‫السيارة دون أن يكترث لنا‬            ‫مليئًا بالزهور وعاد به‬
    ‫ضبابي‪ .‬وكنت أعرف أن‬             ‫ومشى على رابية من الرماد‬         ‫إلى السيارة ودفعه نحوي‬
    ‫هناك جامعة للاتصالات‬                                             ‫إلى المقعد الخلفي فخرجت‬
   ‫في الدور الأرضي المواجه‬             ‫وأخذ يدخن دون توقف‬           ‫الحشرات زاحفة منه‪ .‬كان‬
  ‫للبنسيون‪ .‬وفي وقت مبكر‬                 ‫ورأيت من مكاني يديه‬           ‫ديفيد نائ ًما‪ .‬أما الطريق‬
 ‫من الصباح كان هناك طلبة‬            ‫ترتعشان‪ .‬توقفت الموسيقى‬           ‫الريفي فقد أصبح أوسع‬
     ‫وطالبات يجلسون فيها‬           ‫الرومانية‪ .‬وبات باستطاعتي‬          ‫وتحول إلى طريق سريع‬
   ‫ويتبادلون الحديث بهدوء‬            ‫سماع هدير الريح وصوت‬             ‫فيه لافتات تشير إلى كل‬
 ‫ويشربون القهوة ويقرأون‪.‬‬             ‫الرمال المغلفة بالرماد التي‬    ‫احتمالات الطرق‪ ،‬ولم تكن‬
  ‫وبدا لي أن الهواء كان نقيًّا‬     ‫تعصف بها الريح‪ ،‬فأغمضت‬           ‫كاتانيا مذكورة فيه‪ .‬هممت‬
 ‫وصافيًا هذا كل ما تذكرته‪.‬‬          ‫عيني‪ .‬وعندما استيقظت أو‬        ‫بكل ما أملك من قوة كما بدا‬
 ‫ولم أستطع أن أرى من أين‬             ‫عدت إلى وعيي مرة أخرى‬           ‫لي كي أسأل فرانشيسكو‬
                                    ‫وجدنا أنفسنا مرة أخرى في‬
               ‫جاء هذا الماء‬
                                               ‫شوارع كاتانيا‪.‬‬
                                      ‫لم يحدث أي شيء‪ .‬دفعنا‬
   166   167   168   169   170   171   172   173   174   175   176