Page 175 - merit 41- may 2022
P. 175
حول العالم 1 7 3
بكاملها ُمنتشية به ،وا تردد دويه في الباب ،وتهيأ النوافذ وأمام السرير ،تبدو
حسرتاه ،فقد حلت محله لي أنني تلقيت ضربة معول وكأنها شلالات ثلجية،
رائحة نتنة للتبغ المُمتزج في معدتي ،مثلما يحدث معي
بعفونة ُمقززة لا أعرف وفوق هذا السرير تستلقي
مصدرها ،إنني أشم الآن عندما أرى حل ًما جحيميًّا. معشوقتي ،ملكة أحلامي.
الرائحة اللاذعة للأسى! وبعدها دخل إلى الغرفة ولكن كيف وصلت إلى هنا؟
في هذا العالم الضيق ،الذي شبح ما ،من المُحتمل أنه ومن الذي اصطحبها؟ بل
ينضح بالاشمئزاز ،هناك أية قوة سحرية أجلستها
شيء وحيد أعرفه جي ًدا حاجب محكمة أتى ليعذبني على عرش الأحلام والشهوة
باسم القانون ،أو عشيقة هذا؟ لا يهم ،ها هي ذي ماثلة
يبتسم لي ،إنها قارورة أمامي ،كما أعرفها ،بعينيها
الأفيون ،صديقتي القديمة ساقطة قدمت لتشكو بؤسها
الفظيعة ،ككل صديقاتي، وتضيف تفاهات حياتها إلى اللتين يخترق َو َه ُج ُه َما
أوجاع حياتي ،وربما يكون الشفق ،هاتان المُقلتان
للأسف ،هذه القارورة الثاقبتان والرهيبتان ،اللتان
الخصبة بالحنان والخيانة في ساعيًا أرسله ُمدير إحدى أتعرف عليهما بمكرهما
الصحف ،ليطالبني بتتمة المهيب! إنهما تجذبان،
ذات الوقت.. ُتخضعان و ُتلتهمان نظرة
آه ،أجل ،لقد عاد الوقت مخطوطتي. المتهور الذي يتأملهما ،وكثي ًرا
ليهيمن كملك عجوز بشع، لقد اختفت الغرفة ما تمعن ُت في هاتين النجمتين
ومعه عاد موكبه الشيطاني الفردوسية ،وكذا معشوقتي، السوداوين اللتين تثيران
ملكة أحلامي ..كل ذاك
المُ َؤلَّ ُف من الذكريات، السحر تلاشى إثر الطرقات الفضول والإعجاب.
الندم ،التشنجات ،الخوف، الوحشية لهذا الشبح. ترى لأي شيطان عطوف
الهلع ،الكوابيس ،الغضب، يا للشناعة! إنني أتذكر ،أجل
أتذكر! إن هذا الكوخ الحقير، أدين بما أحظى به في
وال ُع َصا ِب. َم َقا ُم السأم الأبدي ،هو هذه اللحظة ،وأنا ُمحاط
إنني أؤكد لكم أن الثواني مقامي الحقيقي ،ها هي ذي بالغموض ،السكون ،السلام
حاليًا تبرز بقوة ومهابة، قطع الأثاث السخيفة ،المُ ْت َر َب ُة، والعطور؟ يا للنعيم! فما
وكل ثانية تقول وهي تتدفق المُمزقة ،والمدفأة الخالية من نسميها ،عادة ،حياة سعيدة
من البندول« :أنا الحياة، الجمر واللهب ،والتي صارت و ُم َر َّف َه ًة للغاية ،لا تمت بأدنى
الحياة التي لا ُتطاق ،الحياة ُمدنسة بالبصاق ،وكذا صلة لهذه الحياة السامية
النوافذ الحزينة التي َخ َّط التي أعيشها الآن ،وأتذوقها
عديمة الرحمة!». المطر أخاديد فوق غبارها، دقيقة بعد دقيقة ،وثانية تلو
أجل ،إن الوقت يسود إضافة إلى مخطوطاتي ،ذات
بديكتاتوريته المتوحشة، الفقرات المشطوبة أو غير أخرى!
ويلكزني بمهمازه قائ ًل« :هيا المُكتملة ،والروزنامة حيث لا ،لم تعد ثمة من دقائق،
إذن ،اصرخ أيها المجنون! وضع ُت علامات بقلمي أمام أو ثوا ٍن! لقد ا َّم َحى الوقت!
و َت َع َّر ْق أيها العبد! فلتح َي التواريخ المشؤومة! لِ ُت َه ْي ِم َن الأبدية ،أبدي ٌة من
وذاك العطر القادم من عالم
ملعو ًنا!» آخر ،الذي كانت حواسي الملذات!
غير أن طر ًقا رهيبًا ،ثقي ًل،