Page 240 - merit 41- may 2022
P. 240
العـدد 41 238
مايو ٢٠٢2
الأوسع ،على ثلاثة أضلاع: راية ،ومثل ريح يتبعه مجاهدوه، التأريخ ،بل إلى خلق نص إبداعي
الكاتب والناقد والقارئ .ويحدث ينفذون في الهول المحيط ،فتغشى وجمالي يثير في القارئ شغف
الخلل في المجال الإبداعي بضعف النظر إلى الأحداث من وجهة
واحد أو أكثر من هذه الأضلاع. الساحات صلصل ٌة ولغ ُة موت، مختلفة ،أعمق وأكثر إحاطة.
وأ َّنا ُت دروع هلعت ُصلبانها، بالإضافة إلى نظرتي إلى الفن
بالنسبة لمسألة تصور الكاتب
لقارئه فأضعها ،كإشكالية، ُتخادع بفرارها ،لتنس َّل من عمو ًما ،والإبداع الأدبي خصو ًصا
على هذا النحو ،يبدع الكاتب فلولها المهزوم ِة سري ٌة تسل ُب باعتباره عام ًل تربو ًّيا ،إلى جانب
على النحو الذي يوافق ذاته خيمة النفائس المغنومة ،فتتبدل
َسكرة أعراب وبربر يرتدون عن العاملين المعرفي والأخلاقي،
وخبراته وشخصيته ،ويقرأه نصرة مل ِكهم ليدفعوا السالبين يرقى بذائقة المتلقي ،ويحفز
من يتوافق معه أو يجذبه ذلك، عن مادة كنو ِزهم ،تاركين أمي َر ُهم لديه الإحساس بالمتعة الجمالية
أو يجعل إبداعه على النحو الذي لسيفه ،واختلال يسود صفوف الراقية ،فلا يقبل إلا بما هو راقي،
يوافق قارئ بعينه ،وربما يكون سواء في حياته الشخصية أو
ذلك مناسبًا في كتابة القصص مجاهديه». الاجتماعية ،بما يعمل على الارتقاء
فهل يمكن ،ببساطة ،أن يدرك بالمجتمع الإنساني بشكل عام.
البوليسية ،أو قصص الإثارة القارئ أن ذلك وصف لمعركة أما صعوبة التلقي ،فهذا ما حدث
المسلسلة وما يشبهها ،أما حدوثه بالفعل ،ولكن مرجعه ما سبق
من مبدع أدبي فهو أشبه بصنع «بلاط الشهداء» بقيادة عبد أن ذكرته عن الحالة الثقافية
الرحمن الغافقي ،رغم أني ذكرت والمستوى المعرفي لدى القارئ
أفلام رخيصة لأجل تحقيق عمو ًما ،فالرواية حشد من
مكاسب مادية. في الفقرة السابقة لها مباشرة: الدلالات والإشارات والرموز،
« ُتري ُق على جسده بع ًضا من فكانت تحتاج إلى معرفة ،ولو
الأمر بالنسبة لي ليس فقط ما بسيطة ،بتاريخ الأندلس وأهم
يريده الكاتب من قارئه ،بل رمل تحنَّى بدم ِه ،وتقرأ آية من أحداثه وشخصياته ،فعلى سبيل
كتاب شهادته ،فيعبق تي ُهها
أي ًضا ما يريد الكاتب لقارئه ،فأنا بصوت أذان له سحر نبوءة المثال ،في فقرة من الفصل
أسعد بإعجاب قارئي بأعمالي، السادس «خلوة التجربة» ،أقول:
وكذلك بفهمه لها ،ولكني أريد ترتاد تخيالها ،ويتردد في أسماع «مل ٌك رأته يتفق ُّد مواقعه ،يطو ُف
له أن يزداد وعيًا ،ويرقى العابرين ،يرت ُّد صدا ُه إلى جبل
أخلاقيًّا ،وجماليًّا ،وإذا حرصت بين جندهُ ،يصلي بفرسانه،
على أن أصنع ما يرضيه تما ًما، ك َعر ِش مل ٍك غافقي ،حاشي ُة بلا ِط ويسعى بفتوحاته عبر أندلسه،
فسيكون ذلك نقيض ما أقصد الشهداء». إلى مملكة الغا ْل ،فتلح ُق بركبِ ِه،
وتذه ُب والذاهبين إلى غزوهم،
إليه ،للطبيعة البشرية التي تميل وهكذا تجدني أضع المفتاح إلى يفتحون المدائن العامرة ،يغنمون
إلى السهل والواضح واليسير جوار اللغز ،حتى يفرغ القارئ إلى نفائس أيقون وجوه ٍر ،يراك ُمو َنها
وما يرضي نوازعها وشهواتها إدراك الدلالات ،وتحصيل المعاني،
الدنيوية العاجلة ،أما الأرقى في خيمة غنائمهم ،ويحملون
والأسمى فيتطلب خلاف ذلك؛ وفهم لسرائر الحدث ،ليشكل على الإفرنج ،يأخذونهم أخذ
ملكة النظر والتأمل لديه ،ووعيًا المتاهة لل َّضالِين ،بتدبي ِر قائ ٍد،
جهد ،ومكابدة ،ومخالفة النفس، دنياه سوى سيف سهل السجايا
وأهوائها .المسألة في مجملها أشبه بواقعه الذي يحياه بالفعل. موسوم ب ُطغرائه ،وروحه سوى
بصراع فكري بيني ككاتب وبين حرف يحرث أزما ًنا بائرة،
قارئي ،من أجل الوصول إلى حال حدثني أي ًضا عن موقفك ليغرسه في معارفها ،يتقدم مثل
من التوافق ،يفيد فيها كل منا من من القارئ باعتباره ضل ًعا
الآخر. مه ًّما من أضلاع أي عمل
إبداعي..
تقوم العملية الإبداعية ،بمعناها