Page 239 - merit 41- may 2022
P. 239

‫‪237‬‬       ‫ثقافات وفنون‬

          ‫حوار‬

                                                                    ‫كل عنصر من عناصره‬
                                                                      ‫في جوهره مع الآخر‬
                                                                          ‫ويتناقض معه؟‬

‫صلاح فضل‬  ‫رضوى عاشور‬                                 ‫إدوار الخراط‬   ‫يرجع ذلك إلى طبيعتي الشخصية‪،‬‬
                                                                      ‫وما أثر فيها من جوانب فلسفية‬
 ‫بن نصير إلى ساحل شبه جزيرة‬             ‫حط الطير» تلجأ إلى‬               ‫وفكرية‪ ،‬فقد كنت‪ ،‬وما زلت‪،‬‬
  ‫إيبيريا (الأندلس) وحتى تسليم‬        ‫تفكيك مركزية الحدث‪.‬‬                 ‫ميَّا ًل للعزلة‪ ،‬نظ ًرا لطبيعتي‬
  ‫أبي عبد الله مفاتيح غرناطة إلى‬     ‫وتعدد مستويات السرد‬                 ‫التأملية‪ ،‬والعالم يسلبك هذه‬
   ‫فرديناند وإيزابيللا‪ ،‬وهي فترة‬     ‫والاجتراء على التناص‪،‬‬           ‫المتعة إن قدر على إغوائك وشدك‬
 ‫بالغة الطول (‪711‬م إلى ‪1492‬م)‪،‬‬         ‫وهناك هيمنة المتخيل‬                ‫إليه‪ ،‬والتصوف‪ ،‬بمفاهيمه‪،‬‬
   ‫حوالي ثمانمائة عام‪ ،‬بالإضافة‬    ‫السردي على الواقعي‪ ،‬ألم‬          ‫وأحواله ومقاماته المجردة‪ ،‬وليس‬
 ‫إلى أنني لم أقصد إلى كتابة رواية‬    ‫تخش أن يؤدي ذلك إلى‬            ‫بشطحاته الفكرية‪ ،‬هو ما جذبني‪،‬‬
                                   ‫تشكيل صعوبات وعوائق‬                 ‫أو لنقل انجذب إل َّي‪ ،‬حيث كانت‬
    ‫تاريخية بالشكل المعروف‪ ،‬بل‬                                        ‫نفسي بيئة خصبة له‪ .‬أما تجليه‬
  ‫قصدت إلى التعبير عن الدلالات‬           ‫معينة تجعل تلقيها‬                ‫أدبيًّا‪ ،‬فلأنه كان التعبير عن‬
                                    ‫يحتاج إلى خبرات معينة‬               ‫السمو والرفعة والنقاء‪ ،‬وهذا‬
     ‫والمعاني‪ ،‬واستلهام الأحداث‬      ‫في القراءة لا تتوفر لدى‬             ‫ما رغبت في نقله إلى قارئي‪،‬‬
‫التاريخية‪ ،‬كنوع من فهم التاريخ‪،‬‬     ‫كثيرين‪ ،‬مما يحول دون‬                ‫بالإضافة إلى الجانب المعرفي‪،‬‬
‫للإفادة منه في فهم واقعنا في زمن‬                                         ‫وأقصد به الجانب الأخلاقي‪،‬‬
‫القراءة‪ ،‬ولهذا كان الشكل الأنسب‬      ‫تلقيها من جانب بعض‬
                                                     ‫القراء؟‬        ‫فالجسد مادة أرضية معتمة تتسم‬
   ‫لذلك‪ ،‬ولطبيعة أسلوبي المكثف‬                                        ‫بالشهوانية‪ ،‬ولكنه يؤوي رو ًحا‬
  ‫والموجز‪ ،‬هو تقسيم التاريخ إلى‬      ‫بالنسبة لبنية الرواية‪ ،‬ومسألة‬    ‫من مادة سماوية نورانية تتسم‬
 ‫لحظات حاسمة تعبر عنه‪ ،‬ولعلك‬            ‫تفكيك الحدث‪ ،‬فقد رغبت أن‬
                                                                    ‫بالأخلاقية‪ ،‬وبينهما يدور الصراع‬
    ‫تلاحظ‪ ،‬وهو أمر لم يلحظه أو‬        ‫تتناول الرواية تاريخ الأندلس‬     ‫الأزلي الأبدي‪ ،‬ودعوتي أن على‬
‫يشير إليه أحد‪ ،‬أن فصول الرواية‬     ‫منذ عبور طارق بن زياد وموسى‬
 ‫ثمانية‪ ،‬وتاريخ الأندلس بالقرون‬                                      ‫الإنسان أن يدرك أن مادة جسده‬
                                                                    ‫تنطوي على روح نقية‪ ،‬فلا يهملها‪،‬‬
   ‫ثمانية‪ .‬أما هيمنة المتخيل‪ ،‬فهو‬
  ‫الأنسب لعمل أدبي لا يقصد إلى‬                                        ‫وعلى علاقاته بالعالم أن تمضي‬
                                                                    ‫بحسب هذا الجانب الروحي‪ ،‬وهذا‬

                                                                        ‫لا يكون فجأة‪ ،‬بل عبر معاناة‬
                                                                     ‫ترقى به من حال إلى مقام‪ ،‬فحال‬

                                                                       ‫أسمى‪ ،‬وهكذا‪ ،‬إلى أن يصل إلى‬
                                                                       ‫حال تجسيد المثال الواقعي‪ ،‬في‬
                                                                      ‫قلب عالمه الأرضي‪ ،‬وهذا خلاف‬
                                                                     ‫ما ذهب إليه أفلاطون‪ ،‬من تحقق‬

                                                                           ‫المثال في عالم المثل المتعالي‪.‬‬

                                                                            ‫في رواية «مطارح‬
   234   235   236   237   238   239   240   241   242   243   244