Page 234 - merit 41- may 2022
P. 234

‫العـدد ‪41‬‬        ‫‪232‬‬

                                                                ‫مايو ‪٢٠٢2‬‬    ‫إنسا ًنا هو من خلقه ومن‬
                                                                            ‫زوده بعقله بسبب تجرؤه‬
   ‫بنشر كل إنتاجه وإرثه‬             ‫والمرض قو ًّيا صام ًدا‬                 ‫على استعمال كل ملكات هذا‬
‫الفكري المكون من عشرات‬          ‫حاضر الذهن متقد العقل‬                         ‫العقل‪ ،‬وإن كان يرى الله‬
 ‫الكتب وآلاف المقالات على‬     ‫كعادته‪ ،‬وعاز ًما على ما يبدو‬                  ‫بظالم لعباده الذين خلقهم‪،‬‬
‫شكل كتب رقمية مجتمعة‬          ‫على ألا يقضي نحبه ويقابل‬                      ‫فهذا فقط هو وكيف يفكر‪،‬‬
‫تحت سقف واحد بالشبكة‬           ‫ربه إلا بعد أن يقول كل ما‬                   ‫ولكن عليه أن يعلم أن هناك‬
 ‫العنكبوتية‪ ،‬وبحيث يمكن‬         ‫كان يريد قوله وهو ما قد‬                     ‫آخرون يتراءى لهم أن الله‬
                               ‫كان‪ ،‬وكأنما أرادت الأقدار‬                     ‫لم يزودنا بمثل هذا العقل‬
      ‫للجميع أن يحصلوا‬         ‫بذلك أن تقطع الطريق على‬                       ‫اعتبا ًطا أو لكي نعطله عن‬
  ‫عليها بلا أي مقابل‪ ،‬هذا‬
  ‫بالإضافة لمئات اللقاءات‬         ‫أي من تسول له نفسه‬                            ‫العمل أو نركنه جانبًا‪،‬‬
   ‫المسجلة التي يزخر بها‬        ‫أن ي َّدعي زو ًرا وبهتا ًنا أن‬                  ‫بل إن في ذلك لازدراء‬
‫اليوتيوب؛ كما ولم تحاول‬        ‫القمني قد تراجع عن آرائه‬                       ‫واستخفاف بعظمة خلق‬
‫أسرة القمني معارضة تلك‬        ‫قبيل وفاته مثلما ا َّدعوا على‬                    ‫الله وإهدار لها‪ ،‬كما أن‬
‫الوصية والتي ستؤثر ولا‬                                                       ‫هناك الكثير من المسلمين‬
‫شك على العائدات البسيطة‬                         ‫كثيرين‪.‬‬                       ‫الأسوياء‪ ،‬ممن لم تفسد‬
  ‫التي يحصلون عليها من‬                                                        ‫أفكار الإسلام السياسي‬
                                  ‫إرثه الفكري‬                              ‫فطرتهم بعد‪ ،‬ما زالوا يرون‬
    ‫مبيعات كتبه الورقية‪،‬‬                                                         ‫أن الله رؤوف رحيم‪.‬‬
‫فكان الرجل وكأنما يهدي‬           ‫لم يترك القمني من متاع‬
                                 ‫الدنيا الكثير فهو لم يكن‬                      ‫رحيل القمني‬
    ‫هديته الأخيرة لشعبه‬          ‫يملك منه الكثير‪ ،‬بل كان‬
   ‫الذي أحبه وانتمى إليه‪،‬‬                                                  ‫شاءت الأقدار أن يلفظ سيد‬
 ‫ولكل الشعوب الإسلامية‬              ‫يعيش وحي ًدا في شقة‬                        ‫القمني أنفاسه الأخيرة‬
   ‫والناطقة بالعربية التي‬      ‫بسيطة في مدينة ‪ ٦‬أكتوبر‬
 ‫أحبها وانتمى إليها‪ ،‬ثقاف ًة‬    ‫اشتراها بعرق جبينه من‬                      ‫بعد أيام معدودات من آخر‬
                               ‫دخل كتبه ومن المبلغ المالي‬                       ‫حديث له‪ ،‬وهو الحوار‬
          ‫ولغةً وحضارة‬        ‫الذي حصل عليه بعد فوزه‬                             ‫الذي أداره الإعلامي‬
                                 ‫بجائزة الدولة التقديرية‪،‬‬                     ‫إبراهيم عيسى مشكو ًرا‬
                                ‫ولكنه أوصى قبيل وفاته‬
                                                                              ‫على برنامجه التلفزيوني‬
                                                                           ‫«مختلف عليه»‪ ،‬وقد تحدث‬

                                                                              ‫القمني خلال هذا الحوار‬
                                                                             ‫بجرأة وصراحة وشفافية‬
                                                                             ‫من لم يعد يهاب الموت بل‬

                                                                               ‫من تقبله وتصالح معه‬
                                                                                ‫وصار ينتظره بصدر‬
                                                                             ‫رحب‪ ،‬فجاء حديثه بمثابة‬
                                                                           ‫خطبة وداع لمحبيه وللشعب‬
                                                                            ‫المصري ولشعوب المنطقة‪،‬‬
                                                                              ‫ورأيناه رغم الشيخوخة‬
   229   230   231   232   233   234   235   236   237   238   239