Page 242 - merit 41- may 2022
P. 242

‫العـدد ‪41‬‬                            ‫‪240‬‬

                                  ‫مايو ‪٢٠٢2‬‬

  ‫معاناة الحياة الفعلية‪،‬‬             ‫وفي المرحلة الأولى‪ ،‬كما ذكرت‪،‬‬
     ‫ولا أحداثها الراهنة‬          ‫كنت أتبنى نظرة مثالية تجريدية‪،‬‬

 ‫المعاشة أو المتخيلة‪ ،‬بل‬            ‫وهي سمات بعيدة عن مفردات‬
 ‫تمتح من ذاكرة الكلمات‬               ‫الواقع وطبيعته‪ ،‬فكان الأنسب‬
 ‫وتعب من سطور الكتب‬                ‫اللجوء والاستناد بشكل كبير إلى‬
                                  ‫اللغة‪ ،‬باعتبارها أقرب في طبيعتها‬
      ‫دون أن تعتمد على‬              ‫لموضوعاتي‪ .‬ولكن ذلك لا يعني‬
 ‫مرجعية حيوية مكتملة‬               ‫البعد عن الواقعي والسردي‪ ،‬بل‬
‫تتيح لها فرصة الانتظام‬               ‫كان الحدث المسرود هو جسد‬

   ‫والاتساق‪ ..‬كيف ترى‬                  ‫النص‪ ،‬واللغة روحه‪ ،‬وكنت‪،‬‬
                   ‫ذلك؟‬                 ‫حينها‪ ،‬أكثر شغ ًفا بالروح‪،‬‬

 ‫مع كل التقدير للدكتور صلاح‬        ‫فتبدى ذلك في شغفي باللغة‪ .‬وفي‬
  ‫فضل‪ ،‬فإن ُبعدي عن تفاصيل‬          ‫مقدمتي لمجموعة «مدائن البدء»‬
                                     ‫أقول‪« :‬وهذا هو ما تحاول تلك‬
    ‫الحياة سر ًدا ليس عج ًزا‪ ،‬بل‬   ‫اللغة‪ /‬الكتابة ‪-‬الإشكالية الأكثر‬
     ‫أسلو ًبا وتمي ًزا لشخصيتي‬        ‫إثارة‪ -‬في سعيها للخروج من‬
‫الأدبية‪ ،‬فكما قلت‪ ،‬لم أكن أكتب‬      ‫أسر التقريرية‪ ،‬وأحادية الدلالة‪،‬‬
   ‫تاري ًخا‪ ،‬مثلما أبدعت الراحلة‬    ‫ووعائيتها المظنون بها‪ ،‬فهي في‬
    ‫رضوى عاشور في ثلاثيتها‬
   ‫الروائية «غرناطة» و»مريمة»‬     ‫مجاهدتها من أجل تحقيق الرحابة‬
   ‫و»الرحيل»‪ ،‬بل كنت أستلهم‬           ‫الدلالية‪ ،‬وسر َّية المرجع‪ ،‬تأبى‬
 ‫تاريخ تلك الحقبة وأصوغ ذلك‬           ‫اتخاذ الموقف البطريركي إزاء‬
  ‫بنحو شعري‪ ،‬لأصور جوهره‬
      ‫وتجليات وجوده وعواقب‬         ‫المتلقي‪ ،‬فهي لغة شبقة للتعددية‪،‬‬
‫أحداثه‪ ،‬وهذا لا يتناسب أسلو ًبا‬      ‫تفترض الكثافة الدلالية شر ًطا‬
‫ونظر ًة مع سرد الوقائع الفردية‬
    ‫والأحداث اليومية‪ ،‬مثلما هو‬     ‫أوليًّا لحيويتها‪ ،‬ويرتهن وجودها‬
  ‫الحال في الروايات التاريخية‪،‬‬           ‫بقدرتها على الاستمرار في‬
   ‫الضخمة الحجم‪ ،‬فيما لم تزد‬
‫روايتي عن ‪ 120‬صفحة‪ ،‬جاءت‬          ‫الإحالة‪ ،‬وقبولها الدائم للصياغات‬
‫أشبه بمتتالية شعرية‪ ،‬تترنم بما‬                          ‫المتولدة»‪.‬‬

          ‫يشبه فلسفة للتاريخ‪.‬‬             ‫في كتابه «الرواية‬
                                       ‫الجديدة» وعن رواية‬
       ‫ترجمت كثي ًرا من‬            ‫«مطارح حط الطير» قال‬
 ‫قصص وإبداعات توني‬                     ‫الدكتور صلاح فضل‬
                                   ‫إنها رغم لغتها الشعرية‬
     ‫موريسون‪ ،‬وإيتالو‬
    ‫كالفينو وعبد الرازق‬                  ‫الفاتنة عجزت عن‬
                                   ‫استيعاب تفاصيل الحياة‬

                                      ‫على الطريقة السردية‬
                                      ‫ولم تستمد نسغها من‬
   237   238   239   240   241   242   243   244   245   246   247