Page 244 - merit 41- may 2022
P. 244
العـدد 41 242
مايو ٢٠٢2
يغير من نظرته للعالم .وإذا رجعنا المعاصرة ،وبدأت تساؤلات حول والشعر ،كما كانت محاولتي تلك
إلى أصل هذا الشكل من الكتابة انتماءاتنا التاريخية ،وإلى أي حال نو ًعا من التطور ،حاولت فيه أن
فسنجده لدى الحكماء القدماء، صارت حضارتنا العربية ،وبدأت أمزج بين أسلوبي الشعري ،والتي
وإبداعيًّا ،هو نوع من التطور جاءت نصوصه الأولى أقرب إلى
تأملاتي في تاريخنا ،فوجدتني
الفكري والإبداعي لدى الكاتب .من أنجذب إلى تلك الطبيعة الخاصة قصيدة النثر منها إلى القصة،
ناحية أخرى ،ربما جاء هذا الشكل بشخصيتنا ،ملامحها السلبية التي وبين تطوير الجانب السردي ،وأن
أدت إلى تكرار تفككنا ،وفي النهاية
الفني نتيجة للتطور الحاصل إلى انهيار حضاري ما زلنا نعانيه أوازن ،بقدر المستطاع ،بينهما،
في العالم ،ثقافيًّا وتكنولوجيًّا حتى اليوم ،وملامحها الإيجابية ليجد القارئ جس ًدا واض ًحا
واجتماعيًّا ،وصار هو الشكل
المناسب لقارئ هذا العصر ،الذي الكامنة في الظل ،بفعل الضوء يأخذ به بسهولة إلى روح النص.
غلب عليه التعجل وقلة الصبر المبهر للثقافات الخارجية وهيمنتها ولعل هذا ما حققته بنحو أكبر
على تصفح عشرات الصفحات. الماكرة والهائلة ،وتصاعد اهتمامي في مجموعتي القصصية «أرواح
وبالنسبة لي فإن أعمالي القصصية بتلك القضية حتى قررت أن تكون
تترى» ( ،)2019وطب ًعا نذكر هنا
القصيرة ج ًّدا في مجموعة هي موضوع روايتي الأولى. عوامل الخبرة المتنامية ،وعمق
«لحظات» تختلف عن نصوص
مجموعة «مدائن البدء» كثي ًرا ،فهي لماذا رجعت ،في مجموعة النظرة ،التي أخذتني ،فلسفيًّا ،إلى
مقصودة في هذا الشكل هنا ،كما «لحظات» إلى كتابة البحث عن المثال المتحقق بالفعل في
أنها سردية إلى حد كبير ،وبعيدة قصص قصيرة ج ًّدا،
عن مجال قصيدة النثر الغالب على الواقع.
المجموعة الأولى .وهي في النهاية كأنك تكمل دائرة مدائن ففي «غوايات الظل» كانت قضيتي
شكل فني أجرب فيه بمثل ما أحب البدء ،وما العناصر اللي
أن أفعل في أشكال فنية أخرى، اتكأت عليها في كتابة هذه هي ذلك العالم المطمور بالظل،
مثل القصة الومضة ،وهي لا عالم الحقيقة ،عالم المشاعر
تتجاوز السطر الواحد ،والهايكو، المجموعة؟
وهو شكل شعري سردي في الإنسانية والأفكار التي دفعت
القصة القصيرة ج ًّدا ،بالمناسبة، بها ظروف عصر جديد -يؤمن
ثلاثة أسطر شعرية. تعد من الأشكال الأدبية الصعبة،
ففي نص قد لا يتجاوز حجمه ما بالسطحي واللامع والقابل
هل من أعمال جديدة بين عشرين إلى مائة كلمة يتحقق للاستهلاك السريع -إلى خلفية
قادمة؟ حياتنا بنوع من القمع المتحضر،
السردي ،والبنية ،والصورة،
نعم ،هناك مجموعة جديدة والمفارقة ،والوجازة ،بالإضافة وفي الظل كانت لحظات من
أوشك على اتمامها ،وعنوانها إلى المعنى المقصود ،فكأنما أنت تاريخ يتم تجاهلها ،وكانت
«معنى الوردة» ،وهو عنوان فاعليات إنسانية يتم قهرها،
إحدى قصصها ،تتضمن عد ًدا من الن َّف ِري في مواقفه ،أو صوفي ومن جهة ثانية انشغلت فنيًّا
القصص القصيرة ،بعضها أطول تجلت له في لحظة و ْجد حقائق بمحاولة تحقيق التوازن الفني
من المعتاد في نصوصي السابقة، بين اللغة وموضوعها ،وهنا
آمل أن تكون تطو ًرا جدي ًدا في وأسرار خفية ،أو فيلسوف كنت أنظر إلى اللغة كمماثل للون
كتابتي ،وأن تلقى استحسا ًنا من يضع في عبارة مجمل فلسفته، في التصوير ،للحجر في النحت،
وأن تجعل ذلك في شكل واضح إنها لا تقل أهمية بحال من
القراء ومفهوم وبسيط ،قادر على أن الأحوال عن موضوعها ،كما أن
يحمل إلى ذهن القارئ حكم ًة ،أو ما بينهما ،رأيته أشبه بما بين
فه ًما ،أو تؤثر فيه بشكل يجعله الروح والجسد من علاقة .ومع
هذه المجموعة تولدت أمامي
قضية جديدة أكثر عمومية،
تتعلق بالواقع العربي في اللحظة