Page 249 - merit 41- may 2022
P. 249
247 ثقافات وفنون
شخصيات
ماكس مولر مصطفى صادق الرافعي ملك حفني ناصف حققته على الساحة وتهاجر إلى
غير رجعة ،والأكثر من ذلك أن
المعادي عام ،1941عن عمر ثم وفاة والدتها عام .1932 تركها والديها أمر محال .ولأن
يناهز الخامسة والخمسين .ومن وأصيبت بحالة اكتئاب شديد، مي وجبران كانا يعلمان ذلك،
وأرادت أن تلتمس في أقاربها
المؤثر في النفس انفضاض كل العون على هذه النوائب ،فعادت فإنهما تجنبا اللقاء ،وهذا هو
من كانوا حولها ،انفضوا عنها إلى لبنان وقد مالت إلى الحياة التفسير الوحيد الذي يتراءى
في فترتها الأخيرة لدرجة أنه لم بين أهلها ،بعدما أصبحت وحيدة أمام الدراسة ،ولا نجد لهذا
يمش في جنازتها سوي ثلاثة، في مصر ،بل وحيدة في أي مكان
هم :أحمد لطفي السيد ،مطران بغير هؤلاء الثلاثة الذين رحلوا الموقف تفسي ًرا آخر.
خليل مطران ،أنطوان الجميل. عنها ،إلا أنه ربما كان بين أهلها ولأنها لا تريد أن تحيا بجسدها
ولكن هذا لم يمنع أن هرعت ما يخفف عنها. مع واحد بينما تعيش بقلبها
الأقلام على الورق ترثي مي لكن تحدث النائبة الكبري، وكل وجدانها مع آخر ،فإنها
ويقيم عليها أقاربها دعوي حجر لأجل ذلك قد باعت قضية الزواج
زيادة. وتحكم لهم المحكمة ،وعلي فورها برمتها .وهنا نأسف للأقلام
وختاما فإننا نرجو أن نكون أدخلوها مستشفي للأمراض الطائشة التي تتناول حياة الناس
العقلية قرب بيروت ،وبعد أن عبثًا ،إذ ذهبت آراء قليلة خاطئة،
ألقينا الضوء على مي زيادة خرجت منها أقامت عند الأديب إلى أنها لم تتزوج لأنها كانت
وحياتها في جوانبها المختلفة، اللبناني أمين الريحاني ،ثم زارت مثالية ،والمثاليون هم نوع لديه
وأن نكون أسهمنا في حل بعض العديد من بلاد أوربا للتخفيف اضطراب سلوكي إذ يرغبون عن
الألغاز المثارة في حياتها ،وأن عن نفسها لكنها لم تفلح في الزواج لأنهم ليس لديهم رغبة
محو أحزانها ،فعادت واستقرت إشباع الغريزة الفطرية ويرون
نكون نقينا سيرتها في هذه بمصر ،حتى توفيت بمستشفي أنها نقيصة أو دنيئة أو فعل
الصفحات من الأكدار والشوائب
التي علقت بها ،ومن ثم تصحيح مقزز وإثارة اشمئزاز.
ولم يكتفوا بذلك بل أخذوا قو ًل
معلومات مغلوطة قدمت إلى
الساحة الأدبية من أقوالها ،وفسروه تفسي ًرا
عبثيًّا خاطئًا ،وهو قولها «أنا
امرأة قضيت حياتي بين قلمي
وأدواتي وكتبي ودراساتي ،وقد
انصرفت بكل تفكيري إلى المثل
الأعلى ،وهذه الحياة الأيدياليزم
أي المثالية التي حييتها ،جعلتني
أجهل ما في هذا البشر من
دسائس» .فانحرفوا في تلقيهم
لـ»المثل الأعلي والمثالية» التي
تعنيها مي زيادة ،وذهبوا بها إلى
منطقة أخرى وحقل دلالي آخر.
وتنقلب حياة مي رأ ًسا على عقب،
وتبدأ رحلتها مع النكبات ،وكانت
البداية بوفاة والدها عام ،1929
ثم وفاة جبران عام ،1931