Page 164 - ميريت الثقافية- العدد رقم (25) يناير 2021
P. 164

‫العـدد ‪25‬‬                                                          ‫‪162‬‬

                                     ‫يناير ‪٢٠٢1‬‬                                                 ‫د‪.‬محمد‬
                                                                                                ‫عبد الباسط عيد‬
      ‫العام‪ ،‬وبالتأكيد حدثت‬           ‫في أواخر‪2005‬م نشرت‬          ‫العولمة وتآكل الهوية العربية‪..‬‬
 ‫سجالات مو َّسعة مع انتشار‬                                             ‫ما وراء الرسوم المسيئة!‬
 ‫الصورة وهيمنتها على كثير‬            ‫صحيفة «يولاندس بوستن»‬
‫من مناحي الحياة‪ ،‬مما تطلب‬                 ‫الدنماركية عدة رسوم‬
                                           ‫كاريكاتورية أغضبت‬
     ‫إعادة التفكير في الموقف‬
    ‫القديم‪ ،‬فتكلم الفقهاء عن‬           ‫العالم الإسلامي‪ ،‬وأعقبها‬
   ‫إباحة التصوير للضرورة‪.‬‬             ‫ردود فعل واسعة‪ :‬رسمية‬
‫ويرى فريق من الدارسين أن‬               ‫وشعبية‪ ،‬وتعاطفت جرائد‬
  ‫الفنّان العربي اكتشف «ف ّن‬          ‫نرويجية وألمانية وفرنسية‬
‫ال َّرقش» العربي «الأرابيسك»‬         ‫مع الرسوم دفا ًعا عن حرية‬
‫برسوماته النباتيّة والهندسيّة‬          ‫الرأي‪ ،‬فأعادت نشرها في‬

       ‫كنوع من التحايل على‬                       ‫أوائل ‪2006‬م‪.‬‬
    ‫الاعتراض الفقهي في هذا‬                ‫ثم تجددت الحادثة مع‬
  ‫الصدد‪ .‬وقد جرت نقاشات‬
  ‫ممتدة أوائل القرن الماضي‬                  ‫جريدة «شارل إبدو»‬
‫حول التماثيل التي تقام لكبار‬               ‫الفرنسية الساخرة في‬
   ‫القادة وتوضع في الميادين‬             ‫‪2015‬م التي أعادت نشر‬
‫العامة‪ ،‬بين منكر لها متخوف‬             ‫الرسوم بمناسبة محاكمة‬
 ‫منها‪ ،‬وبين مبيح لها متج ِّوز‬        ‫متهمين بالهجوم على مقرها‬
                                          ‫وسقوط قتلى‪ ،‬ثم تكرر‬
                    ‫فيها(‪.)1‬‬         ‫الحدث في أواخر أكتوبر من‬
 ‫ولعلك تتذكر النقاش الديني‬            ‫هذا العام ‪2020‬م مدعو ًما‬
‫المتجدد حول السينما العالمية‬             ‫هذه المرة بتأييد الرئيس‬
                                      ‫الفرنسي ماكرون بعد ذبح‬
    ‫والدراما المحلية وتجسيد‬           ‫مدرس فرنسي عرض على‬
      ‫الرسل والأنبياء وكبار‬           ‫طلابه صو ًرا مسيئة للنبي‬

 ‫الصحابة‪ ،‬فهناك رف ٌض عام‬                               ‫محمد‪.‬‬
     ‫من قبل المسلمين ال ُّسنة‬
                                             ‫(‪)1‬‬
‫لتجسيد الأنبياء وال ُّرسل على‬
 ‫ال ّشاشة‪ ،‬وقد يترخصون في‬               ‫بشكل عام‪ ،‬لا يميل الفقه‬
 ‫ذلك لكبار الصحابة بشروط‬            ‫الإسلامي المحافظ إلى تصوير‬

   ‫وضوابط محددة‪ .‬وبشكل‬                   ‫الكائنات الحيّة؛ فالأصل‬
  ‫عام يعد الفقه ال ِّشيع ّي أكثر‬        ‫هو تحريم تصوير ذوات‬
                                         ‫الأرواح‪ ،‬وأباح بعضهم‬
    ‫مرونة في هذا الصدد من‬
    ‫الفقه ال ُّسن ّي‪ ،‬ولك أن تع ّد‬       ‫ال ّرسم بشرط أن يكون‬
  ‫إنتاج وعرض مسلسل عمر‬                ‫ناقص الخلقة أو كما يقول‬
   ‫بن الخطاب على فضائيات‬
 ‫قطرية وسعودية في ‪2012‬م‬                 ‫ابن قدامة في المغني‪« :‬إن‬
                                    ‫ُقطعت الرأس ذهبت الكراهة»‬
       ‫نقلة كبيرة في الذهنية‬
                  ‫ال ُّسنية(‪.)2‬‬         ‫حيث تستحيل الحياة مع‬
                                     ‫قطع الرأس‪ .‬هذا هو الموقف‬
      ‫تبدو المسافة هائلة بين‬
   159   160   161   162   163   164   165   166   167   168   169