Page 154 - ميريت الثقافية رقم (27)- مارس 2021
P. 154

‫العـدد ‪27‬‬                                                                        ‫‪152‬‬

                                ‫مارس ‪٢٠٢1‬‬                                                                 ‫د‪.‬حاتم الجوهري‬

 ‫يحدث في ظل «صفقة القرن»‬               ‫مدخل‪:‬‬                    ‫من التطبيع إلى الاستلاب‪:‬‬
  ‫ومشروع الرئيس الأمريكي‬                                             ‫أزمة الذات العربية والمسألة الأوروبية‬
 ‫السابق دونالد ترامب؛ يندرج‬       ‫تتناول هذه الدراسة ما‬
   ‫تحت ما نسميه «الاستلاب‬
  ‫للآخر»( )�‪Other’s imper‬‬          ‫تسميه خطاب «الاستلاب»‬
‫‪ )sonation‬الصهيوني وتبني‬        ‫للآخر الصهيوني‪ ،‬والذي ظهر‬
   ‫روايته للصراع والخضوع‬
  ‫لها‪ ،‬التي وصلت لذروتها في‬         ‫بالتوازي مع حملة ترامب‬
                                  ‫الانتخابية الأولى ومشروعه‬
    ‫الربط بين ما هو سياسي‬          ‫عن نقل السفارة الأمريكية‬
  ‫وما هو ديني‪ ،‬في نهاية عام‬
  ‫‪2020‬م وظهور الاتفاقيات‬            ‫و»صفقة القرن»‪ ،‬وتقارن‬
                                  ‫هذا الخطاب وآليات ظهوره‬
              ‫«الإبراهيمية»‪.‬‬    ‫وتمريره وظرفياته السياسية‪،‬‬
    ‫كما لا بد من الإشارة إلى‬
  ‫أن التيار العربي الذي تبنى‬           ‫بخطاب التطبيع القديم‬
    ‫مفهوم «الاستلاب للآخر»‬         ‫وحججه ومبرراته وآليات‬
    ‫والخضوع لروايته‪ ،‬تبنى‬
  ‫العديد منهم في الوقت نفسه‬                         ‫فرضه‪.‬‬
    ‫عملية مصاحبة‪ ،‬ومفهو ًما‬         ‫لتسعى للوقوف على أزمة‬
‫ملاز ًما له يقوم على «الانسلاخ‬      ‫«مستودع الهوية» العربي‬
    ‫عن الذات » �‪Self-strip‬‬          ‫في مواجهة عملية التطبيع‬
 ‫‪ ،))ping‬والتخلي عن الرواية‬      ‫القديمة‪ ،‬ومشروع الاستلاب‬
                                   ‫للآخر الصهيوني وروايته‬
            ‫العربية للصراع‪.‬‬
       ‫لذا تهتم هذه الدراسة‬           ‫الحالية‪ ،‬بحثًا عن آليات‬
  ‫بأهمية التفرقة بين التطبيع‬    ‫محتملة يمكن تبنيها دفا ًعا عن‬
      ‫والاستلاب وتمثلاتهما‪،‬‬
  ‫وتربط الأمر بفكرة مركزية‬                    ‫هذا المستودع‪.‬‬
‫أوسع في تفسير ظهور خطاب‬           ‫حيث ترى هذه الدراسة أنه‬
      ‫الاستلاب للآخر عربيًّا‪،‬‬   ‫يخطئ كثي ًرا الذين يسمون ما‬
    ‫ومحاولة تحويله لما يشبه‬       ‫يحدث بين «إسرائيل» وبين‬
‫التيار الواسع وترويجه ثقافيًّا‬    ‫بعض الدول العربية مؤخ ًرا‬
   ‫وإعلاميًّا؛ وهي الفكرة التي‬    ‫بـ»التطبيع»( )�‪Normaliza‬‬
  ‫نسميها «المسألة الأوروبية»‬    ‫‪)tion‬؛ لأن التطبيع ربما يصل‬
  ‫وتحول الذات الأوروبية إلى‬       ‫في حده الأقصى إلى علاقات‬
  ‫ذات عليا عند البعض‪ ،‬يشعر‬
‫تجاهها بدونية ذاته التاريخية‪،‬‬        ‫متبادلة في الأطر الدولية‬
  ‫ويرى في أولوية إلحاق ذاته‬      ‫المتعارفة‪ ،‬بعد قطيعة ما‪ ،‬لكنه‬
‫التاريخية بها والاندماج معها‪.‬‬
       ‫من ثم تطرح الدراسة‬          ‫لا يصل إلى حد التخلي عن‬
      ‫فرضية مركزية مفسرة‬           ‫رواية طرف ما للعلاقة مع‬
                                ‫الطرف الآخر‪ ،‬والتبني الكامل‬
                                  ‫والانسحاق لصالح روايته‪،‬‬
                                ‫مثلما يحدث في حاليًا في بعض‬
                                    ‫مسارات العلاقات العربية‬

                                              ‫«الإسرائيلية»‪.‬‬
                                   ‫وتؤكد الدراسة أن ما كان‬
   149   150   151   152   153   154   155   156   157   158   159