Page 159 - ميريت الثقافية رقم (27)- مارس 2021
P. 159

‫‪157‬‬  ‫الملف الثقـافي‬

  ‫للفرات وفي قلبها النيل‪ ،‬ومع‬      ‫لكن في نهاية عام ‪2019‬م‬           ‫نموذج الاستلاب عربيًّا‪،‬‬
  ‫الإمارات حدثت موجة هائلة‬       ‫وقرب الإعلان الرسمي عن‬          ‫والقائم على فشل محاولات‬
   ‫من خطاب الاستلاب داخل‬          ‫صفقة‪ ،‬رأي البعض الدفع‬
   ‫مصر وخارجها‪ ،‬لما لها من‬                                          ‫القرن العشرين في إنتاج‬
‫نفوذ ثقافي ومؤسسي‪ ،‬وبرزت‬              ‫للواجهة بموجة فكرية‬         ‫نموذج ذاتي يحقق نموذج‬
 ‫في هذه الموجة أماني فؤاد من‬      ‫تستعيد الزخم الذي بدأ به‬     ‫«الاغتراب»‪ ،‬مما كرس لظهور‬
                                ‫خطاب الاستلاب مع يوسف‬          ‫مفهوم الاستلاب ونموذجه في‬
                     ‫مصر‪.‬‬      ‫زيدان‪ ،‬فخرج مراد وهبة على‬       ‫العقد الثاني من القرن الحادي‬
 ‫ليصبح جليًّا في عام ‪2020‬م‬         ‫الناس بالطريقة الإعلامية‬
‫الفرق البين بين عملية التطبيع‬     ‫الصادمة نفسها التي خرج‬                    ‫والعشرين»(‪.)2‬‬
 ‫ومشروع «الاستلاب للآخر»‬        ‫بها زيدان‪ ،‬وبخطاب استلاب‬        ‫وحتى عام ‪2020‬م تم الدفع‬
‫الصهيوني والانتصار لروايته‬     ‫أكثر صراحة عن فساد الذات‬        ‫بموجات عدة من دعاة خطاب‬
                               ‫العربية وعجزها المطلق وعدم‬       ‫الاستلاب للآخر الصهيوني‪،‬‬
    ‫في الصراع‪ ،‬الذي يمثل في‬    ‫قدرتها على التطور والنهضة‪،‬‬
  ‫الوقت نفسه عملية «انسلاخ‬     ‫ومهل ًل لفكرة الاحتلال عمو ًما‬    ‫والخضوع لروايته للمشهد‬
                               ‫وتقدمية الاحتلال الصهيوني‬         ‫السياسي والإعلامي‪ ،‬تقفيًا‬
    ‫عن الذات» العربية وتنكر‬                                       ‫لأثر يوسف زيدان ودع ًما‬
   ‫لروايتها في الصراع‪ ،‬بكافة‬                    ‫خصو ًصا‪.‬‬       ‫لتشكيل «نمط سياسي» جديد‬
 ‫أبعادها السياسية والتاريخية‬       ‫وقبل الإعلان عن اتفاقية‬
                                     ‫«إبراهيم» بين الإمارات‬         ‫كما تخيل البعض‪ ،‬يقوم‬
         ‫والدينية والإنسانية‪.‬‬     ‫و»إسرائيل»‪ ،‬ظهرت عربيًّا‬       ‫على تبني مفهوم «الاستلاب‬
     ‫‪ -3‬التطبيع والاستلاب‪:‬‬        ‫مجموعة من الأسماء التي‬        ‫للآخر» كما أسس له يوسف‬
 ‫الاعتراف بالآخر أم الاعتراف‬     ‫اعتبرت يوسف زيدان الأب‬
                                  ‫الروحي لخطاب الاستلاب‬                            ‫زيدان‪.‬‬
                    ‫بروايته‬      ‫للآخر الصهيوني‪ ،‬وسارت‬          ‫بدأت موجات الاستلاب بأن‬
      ‫في حين يمكن القول إن‬         ‫في المسار نفسه‪ ،‬وامتدت‬      ‫تم الدفع بتوفيق عكاشة الذي‬
 ‫التطبيع اختصا ًرا يعني إقرار‬  ‫هذه الأسماء على مدار الوطن‬       ‫استقبل السفير «الإسرائيلي»‬
    ‫طرفين بوجود كل منهما‪،‬‬       ‫العربي كله‪ ،‬لتشمل‪ :‬سليمان‬         ‫في منزله‪ ،‬وحديثه عن دور‬
   ‫مع إقامة علاقات وتبادلات‬         ‫الطراونة (الأردن)‪ ،‬نبيل‬
       ‫تزيد أو تقل‪ ،‬فالتطبيع‬       ‫فياض (سوريا)‪ ،‬فرحات‬            ‫«إسرائيل» في سد النهضة‬
    ‫إجما ًل هو اعتراف بوجود‬    ‫عثمان (تونس)‪ ،‬صالح الفهيد‬        ‫وإمكانيتها في مساعدة مصر‬
   ‫آخر وقبول هذا الوجود في‬      ‫وفهد الشمري (السعودية)‪..‬‬
 ‫أشكال من العلاقات زادت أو‬                                         ‫عام ‪2016‬م! ثم تم الدفع‬
   ‫قلت‪ ،‬تنوعت أو انحصرت‪،‬‬                         ‫وغيرهم‪.‬‬       ‫ببعض الأطراف بفعل مواقفها‬
    ‫مع التطبيع كان كل جانب‬             ‫ومع توقيع الإمارات‬
   ‫يحتفظ بروايته‪ ،‬كان العرب‬          ‫والبحرين على الاتفاقية‬          ‫التاريخية لدعم خطاب‬
  ‫والصهاينة يحتفظ كل منهما‬       ‫الإبراهيمية مع «إسرائيل»‪،‬‬       ‫الاستلاب للآخر الصهيوني‬
                               ‫انتقل خطاب الاستلاب للآخر‬
        ‫بالرواية الخاصة به‪.‬‬    ‫الصهيوني إلى مستوى الدول‪،‬‬            ‫مثل سعد الدين إبراهيم‬
  ‫لكن أخطر ما يمثله مشروع‬       ‫حيث «الإبراهيمية» اختصا ًرا‬                        ‫وغيره‪.‬‬
‫الاستلاب للآخر تفري ًقا له عن‬  ‫تعني التصور اليهودي الديني‬
  ‫عملية التطبيع القديمة وذلك‬   ‫للسيطرة على المنطقة من النيل‬         ‫وفي أواسط عام ‪2019‬م‬
 ‫على المستوى الكلي والفلسفي‪،‬‬                                    ‫كانت هناك موجة أوسع من‬
                                                               ‫خطاب الاستلاب للآخر حيث‬
      ‫أن التطبيع كان يعترف‬                                       ‫كان يجري الترويج لزيارة‬
      ‫بالآخر‪ ،‬ولكن الاستلاب‬                                     ‫مدينة القدس تحت الاحتلال‬

                                                                   ‫الصهيوني‪ ،‬فشلت بسبب‬
                                                               ‫الرفض الشعبي وبعض دعاة‬

                                                                   ‫«استعادة الذات» العربية‪.‬‬
   154   155   156   157   158   159   160   161   162   163   164