Page 163 - ميريت الثقافية رقم (27)- مارس 2021
P. 163

‫الملف الثقـافي ‪1 6 1‬‬

           ‫تمثلات سياسية‪.‬‬     ‫هناك ملاحظة هامة في التفرقة‬          ‫ضرب صدام حسين بعد‬
   ‫وفرضية النمط هى وجود‬       ‫بين عملية التطبيع ومساراتها‬         ‫تشجيعه على غزو الكويت‬
     ‫تدافع بين الوعي العربي‬                                   ‫الذي عرف بـ»اتفاقية أوسلو»؛‬
                                    ‫القديمة وآليات فرضها‪،‬‬       ‫كان شعاره الأبرز «الأرض‬
     ‫والسيطرة الغربية طوال‬     ‫وبين مفهوم الاستلاب للآخر‬      ‫مقابل السلام» كشرط رئيسي‬
  ‫القرن الماضي‪ ،‬وافتراض أن‬
   ‫الحروب كانت أداة رئيسية‬          ‫الجديد وآليات تمريره‪.‬‬                        ‫وواقعي‪.‬‬
‫لكسر الوعي وصدمته وتمرير‬           ‫إذ يمكن القول إنه للمرة‬          ‫بما يعني أن الصهيونية‬
 ‫مخططات السيطرة الغربية‪/‬‬      ‫الأولى يتم خلق مستوى جديد‬        ‫وكيانها السياسي «إسرائيل»‬
                                   ‫من العلاقة مع الاحتلال‬        ‫كانت ستمنح الفلسطينيين‬
    ‫الصهيونية‪ ،‬ذلك في رسم‬      ‫الصهيوني عبر آليات الحرب‬           ‫الأرض‪ ،‬للعودة لأقرب ما‬
       ‫تاريخ النمط ومساره‪.‬‬          ‫الناعمة غير المباشرة في‬     ‫يكون لحدود ما قبل عدوان‬
                               ‫المعظم‪ ،‬وهو ما لم يكن يحدث‬      ‫‪1967‬م‪ ،‬في مقابل أن تحصل‬
  ‫في حين في موضوع خطاب‬            ‫ساب ًقا‪ ،‬كان النمط الخاص‬     ‫على السلام وتطبيع وجودها‬
    ‫الاستلاب وصفقة القرن‪،‬‬         ‫بعملية التطبيع قدي ًما وفق‬      ‫ككيان سياسي في المنطقة‬
   ‫يمكن القول إن هناك نم ًطا‬       ‫أنساق أو مسارت تتكرر‬
   ‫آخر يمكن تسميته بـ»نمط‬         ‫(نسق يضم عدة مسارات‬                             ‫العربية!‬
                               ‫مرتبطة ومتراتبة بعضها على‬           ‫والأكثر لفتًا للانتباه هنا‬
  ‫تفجير التناقضات والفرض‬      ‫بعض أو مسار فردي مستقل‬          ‫‪-‬والكلام ما زال موج ًها لمحبي‬
    ‫الناعم»‪ ،‬حيث كان ترامب‬    ‫لها مسبباته الخاصة)‪ ،‬ويمكن‬       ‫الترويج لإسرائيل والمستلبين‬
       ‫يستخدم تكتيك تفجير‬     ‫أن نرصد المسببات لها وكذلك‬        ‫لها‪ -‬أن الفلسطينيين حينما‬
                                ‫النتائج والأهداف التي كانت‬         ‫قبلوا بالاتفاقية والشعار‬
 ‫تناقضات «مستودع الهوية»‬                                      ‫والمشروع‪ ،‬على عكس ما ي َّدعي‬
      ‫العربي لإحداث ضغوط‬             ‫تنتج عنها في الماضي‪.‬‬        ‫دعاة الاستلاب للصهيونية‬
     ‫لفرض الصفقة وخطابها‬      ‫لنحاول المقارنة بينها وبين ما‬   ‫بأن الفلسطينيين متعنتين على‬
                               ‫يحدث في الحاضر مع خطاب‬          ‫طول الخط‪ ،‬قامت الصهيوينة‬
  ‫على الأنظمة العربية‪ ،‬وصدم‬                                       ‫طوال ما يقرب من ثلاثين‬
    ‫المتلقي العربي دون حرب‬        ‫الاستلاب‪ ،‬وكذلك محاولة‬
             ‫خشنة مباشرة‪.‬‬      ‫توقع مسار أو نسق حدوثها‬               ‫عا ًما الآن بالتهرب من‬
                                                                   ‫التزاماتها والتحول عنها‪.‬‬
‫وهو ما يمكن أن نجد آثاره في‬                   ‫في المستقبل‪.‬‬      ‫حتى وصل الأمر بأن ما بدأ‬
 ‫الفكر الصهيوني عن العلاقة‬        ‫يمكن القول إنه كان هناك‬         ‫في أوسلوا بالأرض مقابل‬
  ‫بين الحرب وقبول التطبيع‪،‬‬         ‫نمط سابق ارتبط بعملية‬        ‫السلام في تسعيينيات القرن‬
    ‫عند واحدة من أبرز قادته‬     ‫فرض الاحتلال الصهيوني‪،‬‬           ‫الماضي‪ ،‬انتهي إلى «السلام‬
                                ‫أو التطبيع معه على السواء‪،‬‬      ‫مقابل تجميد ضم المزيد من‬
‫التاريخيين وهي جولدا مائير‪،‬‬       ‫وهو النمط الذي سنسميه‬            ‫أرضكم» في مقتبل العقد‬
   ‫حيث كانت «رئيسة وزراء‬      ‫«نمط الحرب وصدمة الوعي‬                ‫الثالث من القرن الجديد‬
   ‫العدو السابقة تلح هنا على‬       ‫الجمعي»‪ .‬ونبدأ بتحديد‬          ‫مع صفقة القرن واتفاقية‬
   ‫جانب الاحتلال النفسي أو‬    ‫أطرافه‪ ،‬فالنمط سيشمل الدول‬
   ‫التطبيع النفسي‪ ،‬والمفارقة‬    ‫العربية وأنظمتها السياسية‬                       ‫الإمارات‪.‬‬
    ‫هنا أن جولدا مائير قالت‬   ‫وقاعدتها الجماهيرية من جهة‪،‬‬           ‫‪ -2‬نمط خطاب التطبيع‬
                                ‫وعلى الجهة الأخري سيوجد‬            ‫الخشن‪ :‬الحروب المتتالية‬
  ‫مفهومها للتسوية والتطبيع‪،‬‬
        ‫حينما كانت الدبابات‬         ‫الغرب بتمثله الأمريكي‬            ‫لصدم الوعي الجمعي‬
                              ‫والصهيوني وما يدعهمهما من‬
 ‫الصهيونية تقف على شاطيء‬
 ‫قناة السويس‪ ،‬وعلى مشارف‬

       ‫العاصمة السورية»(‪.)6‬‬
‫وفي موضوع هذا النمط الأول‬
   158   159   160   161   162   163   164   165   166   167   168