Page 164 - ميريت الثقافية رقم (27)- مارس 2021
P. 164

‫العـدد ‪27‬‬                              ‫‪162‬‬

                               ‫مارس ‪٢٠٢1‬‬                            ‫الخاص بالتطبيع و»نمط‬
                                                                      ‫الحرب وصدمة الوعي‬
   ‫إلى العلنية وظهور التطبيع‬     ‫قبل ‪ 1967‬مع تمدد مشروع‬            ‫الجمعي»‪ ،‬يمكن أن نرصد‬
                  ‫السياسي‪.‬‬      ‫المقاومة المصري والمد القومي‬   ‫تكرار ظاهرة النمط المتمثلة في‬
                                                               ‫الحرب وصدم الوعي العربي‪،‬‬
  ‫وفي حرب ‪1990‬م والتي تم‬                         ‫الناصري‪.‬‬          ‫حيث سنجد لدينا حروب‪:‬‬
   ‫فيها غزو العراق وتفكيكه‪،‬‬     ‫لتأتي الحرب في عام ‪1967‬م‬            ‫‪1967- 1956- 1948-‬‬
   ‫دخلنا في مرحلة أخرى من‬         ‫لتقدم صدمة جديدة للوعي‬             ‫‪.1990-2003 1973-‬‬
                               ‫العربي‪ ،‬وتفرض عليه تخفيض‬        ‫مع الوضع في الاعتبار وجود‬
       ‫كسر الإرادة والصدمة‬       ‫السقف والانتقال بمجموعة‬       ‫حروب صغيرة بينهم في لبنان‬
  ‫وقبول الأمر الواقع وفرضه‬                                      ‫في ‪ 2006 1982-‬وفلسطين‬
  ‫على الفلسطينيين فيما عرف‬         ‫أهدافه من الفعل والمقاومة‬    ‫‪2000 1987-‬م (الانتفاضة‬
‫باتفاقية أوسلو التي أنتجت ما‬        ‫للصهيونية‪ ،‬إلى رد الفعل‬
‫عرف بـ»السلطة الفلسطينية»‪،‬‬         ‫والدفاع عن الذات العربية‬                ‫الأولى والثانية)‪.‬‬
  ‫بل ارتبطت بتقديم إسرائيل‬      ‫ووجودها‪ ،‬ليبدو وكأن النمط‬      ‫وعند محاولة استكشاف أبعاد‬
  ‫كنموذج واضح لقيادة دول‬         ‫بدأ يهدينا أول محدداته بأن‬     ‫النمط سنحدد إطا ًرا للحروب‬
                                 ‫الحرب دائ ًما لصدمة الوعي‬      ‫الثلاثة الأولى‪-67 56 48- :‬‬
      ‫المنطقة عبر تفكيك معلن‬    ‫عند الآخر‪ /‬العربي‪ ،‬وإجباره‬
‫للوعي العربي ُعرف بمشروع‬          ‫على تخفيض سقف طموحه‬            ‫وسنقول إن التكرار النمطي‬
                                  ‫الجمعي والانتقال من حالة‬      ‫لصدم الوعي العربي وفرض‬
  ‫الشرق الأوسط الكبير‪ ،‬غير‬         ‫المبادرة إلى حالة رد الفعل‬
 ‫أن النمط تعرض للتحول هنا‬        ‫باستمرار‪ ،‬تجاه الصهيونية‬            ‫«إسرائيل»‪ ،‬كان في هذه‬
                                                                ‫التواريخ الثلاثة‪ ،‬وكان بينهم‬
    ‫حيث رفض الإسرائيليون‬                          ‫ودولتها‪.‬‬
     ‫أنفسهم ‪-‬وليس العرب‪-‬‬         ‫ثم ننتقل بعد ذلك لتتبع نمط‬        ‫تاريخان مميزان للصدمة‬
‫مشروع التعايش كحل للتدافع‬        ‫الحرب وصدمة الوعي فيما‬          ‫هما «النكبة» و»النكسة»‪ ،‬في‬
                                ‫بعد ‪1967‬م‪ ،‬تحدي ًدا في عامي‬      ‫عامي ‪ ،1948‬و‪ ،1967‬حيث‬
                 ‫الحضاري‪.‬‬        ‫‪1973‬م وحرب أكتوبر‪ ،‬وفي‬
     ‫ورفضوا الاكتفاء بما تم‬      ‫عام ‪1990‬م وحرب الخليج‪،‬‬              ‫كانا أبرز آثار تكتيك أو‬
   ‫تحقيقه بالفعل من مكاسب‬         ‫في عام ‪ 1973‬رغم المفاجأة‬       ‫«نمط الحرب وصدمة الوعي‬
   ‫وأرادوا للتدافع الحضاري‬       ‫العربية على الجبهة المصرية‬
  ‫أن يستمر في حالة الصراع‪،‬‬      ‫والسورية‪ ،‬إلا أن الحرب بعد‬          ‫الجمعي»‪ ،‬لفرض وجود‬
 ‫وتم اغتيال القيادة السياسية‬     ‫الضغط الأمريكي السياسي‬              ‫«إسرائيل» والصهيونية‬
  ‫الإسرائيلية (إسحاق رابين)‬
   ‫التي كانت تقود توجه دمج‬        ‫والحربي‪ ،‬انتهت بالجولان‬                         ‫بالمنطقة‪.‬‬
    ‫إسرائيل كنموذج أعلى على‬      ‫محت ًّل وسيناء شبه منزوعة‬       ‫حيث ارتبط الحربان بالوعي‬
‫العرب‪ ،‬في أبرز دليل إدانة ضد‬     ‫السلاح‪ ،‬والأهم وأبرز نقطة‬
 ‫تيار الاستلاب لرواية تقدمية‬                                        ‫العربي بالذات وضرورة‬
‫الصهاينة ورغبتهم في السلام‪.‬‬         ‫للنمط ككل كانت اعتراف‬         ‫كسره بالقوة وفرض الأمر‬
  ‫ثم عاد نمط الحرب وصدمة‬            ‫مصري بدولة الاحتلال‪،‬‬          ‫الواقع‪ ،‬ففي ‪ 1948‬تعرض‬
   ‫الوعي مرة أخرى‪ ،‬لخلخلة‬          ‫وغياب فلسطين عن مائدة‬       ‫الوعي العربي لصدمة باحتلال‬
 ‫الإرادة العربية بتنشيط الملف‬     ‫المفاوضات وكسر الحصار‬           ‫فلسطين وانكسار الجيوش‬
      ‫العراقي ‪2003‬م عندما‬           ‫الأفريقي والآسيوي على‬      ‫العربية ضعيفة التسليح فقيرة‬
      ‫سقطت بغداد‪ ،‬بعدها تم‬                                        ‫التدريب‪ ،‬لكنها أنتجت حالة‬
    ‫إعدام صدام حسين شن ًقا‬            ‫«إسرائيل» بعد خطوة‬           ‫من المقاومة المضادة تجاه‬
     ‫في صبيحة عيد الأضحي‬          ‫التطبيع السياسي‪ ،‬وتحول‬       ‫الغرب‪ /‬الصهيونية‪ ،‬استمرت‬
      ‫في أقصي أشكال صدم‬           ‫النمط بالصدمة عبر الحرب‬         ‫حتى وصلت لذروتها فيما‬
   159   160   161   162   163   164   165   166   167   168   169